فريق أولمبيك الدشيرة: مجد كروي صاعد من حي شعبي يقابله تجاهل رسمي

أكادير الرياضي

agadir24 – أكادير24

لم يأت من منطقة غنية، ولم يتمرس في المدن الكبرى، كما لم ينعم بأموال المستشهرين ولا دعم المحتضنين. بل نبت في حي شعبي ضاحية أكادير، وبرز بروز الأبطال العصاميين من المغرب العميق، وذاع صيته بلا تمويل ولا دعم من المسؤولين عن كرة القدم. إنه فريق أولمبيك الدشيرة، الذي صعد إلى القسم الأول، وبعد أيام معدودات، فاز بأول لقب له كأس التميز.

هذا السرد السريع لمسار فريق حقق إنجازا أقرب إلى “المعجزة”، لا يمكنه إخفاء ولا تبخيس تاريخ كروي للنادي امتد على عقود منذ تأسيس الفريق سنة 1940.

سألتُ بعض المتخصصين في الشأن الكروي في سوس، والمهتمين بالرياضة في الجهة، عن الأسباب الحقيقية وراء هذا الإنجاز لفريق يحمل اسم حي شعبي قد لا يعرفه الكثير من المغاربة، بدون دعم ولا اهتمام رسمي.

أجمعت الأجوبة التي سمعتُ على أمرين اثنين: أولا النادي معروف تاريخيا بتكوينه القوي للاعبين المحليين، وثانيا الحماس والطموح والعمل الجاد إضافة إلى الانسجام المثالي بين اللاعبين والمدرب والمكتب المسير. ويضيف هؤلاء المتتبعين للشأن الكروي في الجهة، هذه الأمور مجتمعة، ساهمت في خلق فريق منسجم قوي بمعنويات مرتفعة، “حين تراه في الملعب، فإنك تتابع فريقا يلعب كرة القدم الحديثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى” يوضح أحد هؤلاء المتخصصين في اللعبة الأكثر شعبية.

من لا شيء، سيسمع محبي الكرة المستديرة على الصعيد الوطني عن “أولمبيك الدشيرة”، والأكيد أن أغلبهم سيتساءلون “فين جات هاد الدشيرة؟”. هذه المفارقة وحدها كافية بأن يحظى الفريق بعناية خاصة من قبل الجامعة الملكية لكرة القدم.

إن استقبالًا بسيطًا على شرف هؤلاء الأبطال الذين انبعثوا من رماد حي شعبي عانوا فيه شح الإمكانات، وحققوا ما عجزت عنه أندية تنعم بالدعم والميزانيات الضخمة، كان سيكون كفيلًا بزرع روح التحدي وضخ دماء الطموح في أوصال شباب قد ينجب “أشرف حكيمي” آخر من دروب الدشيرة الضيقة.

لكن المؤسف أن الفريق لم يحظ بهذا الاستقبال، ولم ينعم بكلمات التشجيع، بل تعرض لتجاهل واستخفاف في حفل فوزه بكأس التميز. وأحيلكم على ما كتبته الصحافة المحلية، وعلى ما يروج في وسائل التواصل الاجتماعي، التي أجمعت أن حفل المباراة النهائية شبيه بما يقع في دوريات الأحياء. ولن أحدثكم عما تناقلته وسائل الإعلام هذه، حول “ميداليات 5 دراهم”. لا هي ميداليات فضية ولا نحاسية ولا حتى قصديرية.

ليس بهذا الاستخفاف، سنبني سياسة كروية ناجحة وناجعة في بلدنا.

ليس بهذا التجاهل سنبني الأبطال، وليس بهذه السياسة سنشهد في المملكة الشريفة رونالدو مغربي انتقل من عجزه لشراء حذاء رياضي إلى لاعب عالمي، ولا ميسي مغربي كادت ظروفه الصحية ترميه في عالم النسيان بدل عالم النجومية، ولا حكيمي مغربي ساعدته الأقدار أن يلعب في دروب مدينة أوروبية وليس في دروب حي الدشيرة.

من يدري؟ قد يكون في دروب الدشيرة حكيمي آخر لا ينتظر سوى من يفتح له عالم النجومية. لكن الأمر يتطلب سياسة رياضية وفق قواعد الحكامة الجيدة.

في الأخير أهمس في أذن أبطال أولمبيك الدشيرة، لأقول لهم لا تلتفتوا لما يقوم به بعض المسؤولين عن الرياضة في بلادنا، بل رددوا سيرة رونالدو الذي لم يكن يملك ثمن حذاء رياضي، لكنه وثق في نفسه، وتسلح بعزيمته، وتحدى الصعاب، وأدرك المراد.

في انتظار سياسة رياضية، تعطي للإنجاز الرياضي العناية التي يستحق، كل عام وأولمبيك الدشيرة يحقق الإنجازات، ويشق مساره بين الوديان وفجاج الجبال، ويبني الأبطال من رماد النسيان.
فهل يستيقظ ضمير الجامعة المشرفة على كرة القدم؟

سعيد الغماز-كاتب وباحث