تحركت الولايات المتحدة وإسرائيل عسكريًا بشكل غير مسبوق نحو حدود إيران، في ما وصفه مراقبون بأنه تمهيد لحرب إقليمية شاملة قد تندلع في أية لحظة
هذا، ودفعت واشنطن خلال الساعات الأخيرة بقاذفات الشبح B‑2 إلى قاعدة غوام في المحيط الهادئ، وهي القاذفات الوحيدة القادرة على حمل القنبلة العملاقة GBU‑57 المعروفة بـ”أم القنابل الخارقة للتحصينات”، والمصممة خصيصًا لاختراق المنشآت النووية العميقة والمحمية مثل منشأة “فوردو” الإيرانية التي بُنيت داخل جبل وعلى عمق كبير. في الوقت ذاته، تحركت حاملتا الطائرات “نيميتز” و”كارل فينسون” باتجاه الخليج، ترافقهما فرقاطات ومدمرات وصهاريج وقود جوية، ما أعاد إلى الأذهان سيناريو الحشد العسكري الأمريكي قبيل غزو العراق عام 2003. وفق تحليل نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، فإن هذا التحرك لا يحمل طابعًا ردعيًا فقط، بل يشير إلى استعداد عملياتي لتنفيذ ضربات دقيقة على أهداف نووية إيرانية في حال فشل المسار الدبلوماسي.
كما أرسل الجيش الأمريكي أيضًا وحدات دعم لوجستي وأنظمة دفاع جوي من طراز باتريوت وTHAAD إلى قواعده المنتشرة في الخليج والعراق والأردن، بينما صرّحت وزارة الدفاع الأمريكية بأن هذه التحركات تهدف إلى “ضمان أمن القوات الأمريكية وحلفائها” لكنها تتماشى مع “الاستعداد لأي طارئ”. غير أن التقارير المتداولة عبر شبكات “فوكس نيوز” و”بوليتيكو” تؤكد أن نشر هذا الحجم من القاذفات والطائرات المتقدمة وأنظمة الرصد لا يحدث إلا في سياق استعداد حقيقي لعمل عسكري، وخصوصًا عندما يتم ربطه بمواقف القيادة السياسية.
لوّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإمكانية اتخاذ قرار خلال أسبوعين بشأن الانخراط في الحرب الجارية بين إسرائيل وإيران، دون أن يحسم الموقف بين التصعيد العسكري أو الوساطة الدبلوماسية. ووفق ما نشرته صحيفة “فاينانشل تايمز”، فإن الإدارة الأمريكية تدرك أن الحفاظ على التفوق الجوي الإسرائيلي لن يكون ممكنًا دون تدخل مباشر من واشنطن، وهو ما يفسر التحركات اللوجستية المتسارعة على أكثر من جبهة. إسرائيل من جهتها تؤكد أنها حققت “اختراقات مهمة” في برنامج إيران النووي عبر الضربات التي بدأت يوم 13 يونيو، لكنها لا تخفي حاجتها إلى دعم أمريكي في حال قررت استهداف منشآت أكثر عمقًا وتحصينًا مثل “فوردو” أو “نطنز”.
تشعر دول الخليج بقلق بالغ من اتساع رقعة الحرب، خصوصًا مع التصريحات المتواترة في الصحافة الأمريكية حول احتمالية أن تصبح القواعد الأمريكية في قطر والإمارات والبحرين أهدافًا مباشرة في حال اندلاع نزاع مفتوح مع إيران. وتشير “وول ستريت جورنال” إلى أن الإمارات والمملكة العربية السعودية تسعيان في هذه المرحلة إلى تجنّب أي تصعيد على أراضيهما، في ظل الهشاشة الأمنية التي قد تنتج عن مواجهة مباشرة بين قوى نووية أو شبه نووية. أما إيران، فقد حذّرت من أن أي ضربة تمس منشآتها النووية ستُقابل برد شامل يتجاوز نطاق المواجهة التقليدية، ويتضمن استهداف حلفاء واشنطن وتل أبيب في عمق المنطقة.
ترتفع التحليلات الاستخباراتية التي تؤكد أن الحشد الأمريكي الإسرائيلي الحالي ليس فقط للضغط أو التلويح، بل تمهيد فعلي لضربات وشيكة، خاصة في ظل تزامنه مع اختبارات لقدرات التوجيه الدقيق ونشر أنظمة الاتصالات العسكرية في محيط إيران. ويذهب محللون في شبكة “بلومبيرغ” إلى أن احتمال اندلاع الحرب الإقليمية هذه المرة يفوق بكثير كل جولات التصعيد السابقة، ليس فقط بسبب حجم الحشود، بل لأن الساحة الدولية مشغولة بأزمات متعددة، ما قد يُغري أطرافًا بإعادة رسم موازين القوة في الشرق الأوسط بالقوة.
في ظل هذا التصعيد المتسارع، تبدو المنطقة بأكملها على حافة مواجهة شاملة، قد تُشعل حربًا لا يمكن السيطرة على تبعاتها لا سياسيًا ولا اقتصاديًا، خاصة في حال دخول لاعبين آخرين كروسيا وتركيا على خط الصراع. وإذا ما تم توجيه ضربة أمريكية أو إسرائيلية لمنشآت نووية إيرانية محصنة، فإن الرد الإيراني قد لا يكون محدودًا، بل سيشمل الداخل الإسرائيلي، القواعد الأمريكية، وممرات الطاقة، مما سيجعل المنطقة أمام سيناريو كارثي مفتوح قد يعيد تشكيلها لعقود مقبلة.
📚 المصادر الدولية التي اعتمدناها في هذا التقرير
- The Guardian – Israel‑Iran conflict live updates
- Barron’s – American B‑2 bombers fly to Guam amid Middle East tension
- Reuters – US moves B‑2 stealth bombers to Guam amid Middle East tensions
- Washington Post – US bases near Iran on alert as tensions rise
- Wall Street Journal – Gulf allies warn of expanding war on their doorstep
- The Guardian – US reportedly moving B‑2 bombers to Guam
- AP News – How the US is repositioning its military in the Middle East
التعاليق (0)