الاولياء في سوس: كرامات وكشوفات وادوار سياسية واجتماعية 2/4

badira كُتّاب وآراء

ما الفرق بين الأنبياء والاولياء / او بين المعجزات والكرامات

جاء في مناقب ابي عبد الله محمد بن احمد الحضيكي الجزولي وفي مناقب ابي زيد عبد الرحمان الجشتيمي ان الفرق بين النبي والولي هو ان النبي ينزل عليه الملك والولي يلهم ولا ينزل عليه الملك، كما ان نور النبوة مباين لنور الولاية وما به المباينة لا يدرك على الحقيقة الا بالكشف. ان نور النبوة اصل ذاتي حقيقي مخلوق مع الذات في اصل نشأتها ولذا كان النبي معصوما في كل احواله. اما نور الولاية فهو بخلاف ذلك فان المفتوح عليه اذا نظر الى ذات من سيصير وليا رأى ذاتا كسائر الذوات واذا نظر الى ذات من سيصير نبيا رأى نور النبوة في ذاته سابقا ورأى تلك الذات مطبوعة على اجزاء النبوة السبعة التي جاء حديث نبوي ان هذا القرءان نزل على سبعة احرف فيكون صاحبه مطبوعا على قول الحق وعلى الصبر وعلى الرحمة وعلى معرفة الله عز وجل على الوجه الذي ينبغي ان تكون المعرفة عليه وعلى الخوف التام منه عز وجل وعلى بغض الباطل بغضا دائما وعلى العفو الكامل حتى يصل من قطعه وينفع من ضره.

اما ذات الولي فهي قبل الكرامة والفتح من جملة الذوات ليس فيها شيء زائد فاذا فتح عليها جاءت الانوار وانوارها عارضة ولذا فالولي غير معصوم قبل الفتح وبعده ويضيف صاحب المناقب ان ما ذكروه في الفرق بين النبوة والولاية ونزول الملك وعدمه يستدل في هذا الامر بأقوال وشهادات كثيرة منها ما يعود للحاتمي الامام المشهور كما يستدلون بابي حامد الغزالي في قولهم في الفرق بين النبي والولي وان النبي ينزل عليه الملك والولي يلهم ولا ينزل عليه الملك ولا يلزم منه ان يكون ذا شريعة

عن دور العلماء والفقهاء ومرتبة الاولياء في مجتمعاتهم القبلية

العلماء هم خلاف الاولياء حيث يلعبون دورا هاما وحاسما داخل المجتمعات الاسلامية لانهم يمثلون الوسيلة والاداة الشرعية – الرسمية لتفسير وتأويل القيم التي تخضع لها جماعة من جماعة المؤمنين انهم (اهل الحل والعقد) و(اهل الثقة والصلاح) وهم مؤتمنون على المشروعية واليهم ترد امورها.

العلماء يشكلون هيئة ومؤسسة شرعية ذات نفود وسلطة رمزية الا انهم قد لا يملكون نفوذا كافيا للحسم في اختيار الحاكم او الاسرة الحاكمة ومع ذلك فانهم يملكون سلطة روحية اخلاقية يمارسون بها تأثيرا قويا على الطبيعة العامة للمجتمع ويستند العلماء الى وسائل شرعية لإضفاء المشروعية السياسية على نظام الحكم وهو القرءان الكريم الذي يعتمدون عليه ويتخذونه سندا وحجة لإضفاء الشرعية الدينية على اي سلوك او موقف او اختيار ثم السنة التي تشرح نصوص القرءان وتفصله ثم الاجماع الى ان يتم اللجوء او الوصول الى سند الوراثة وهذه الاخيرة قد تكون سلالية او روحية فالأولى تتم بالدم وخصوصا النسب الى بيت الرسول (ص) والثانية تتم بالاقتداء بشيوخ التصوف حيث يتم انتقال السر الصوفي من الشيخ الى المريد.

وفي المجتمعات القبلية التقليدية نجد قيما ومواقف خاصة يرمز اليها الاولياء والصلحاء ويدافعون عنها ويتشبث بها جميع اعضاء القبيلة حفاظا على كينونتهم واستمراريتها وهكذا فان تبجيل الاولياء ورجال الصوفية في البوادي يلبي حاجة الناس هناك الى تجسيد الخطاب الديني في وسط يعجز عن توظيف العلماء بسبب افتقاره الى المكتوب والى كل مظاهر نمط العيش الحضري وبالتالي يشكل الاولياء وحفدتهم بديلا عن فئة العلماء من الزاوية الروحية العامة للإسلام والاولياء ورجال الصوفية في سوس يعلمون الناس العلم والادب ويجمعون بين علمي الشريعة والحقيقة ويبتون في النوازل وكل القضايا الدينية والدنيوية بل منهم من يجمع العالمية والفقه والزهد والتصوف في ان واحد كابي عبد الله محمد بن احمد الحضيكي الذي وصفه صاحب المناقب ابو زيد عبد الرحمان الجشتيمي ب(ولي زاهد وعالم همام وامام الائمة) لأنه الم بكل العلوم الشرعية الدينية والدنيوية وتعلم على يد الفقهاء والعلماء في المغرب وفي المشرق واخذ عن شيوخ المالكية في مصر وله مكاشفات وكرامات يرويها صاحب المناقب اعلاه. انه كائن دو سلطة رمزية وقوة روحية يجمع بين مهمة شيخ الزاوية بكراماته وكشوفاته وفقيه المدرسة وامامها والقائم على شؤون المدرسة القرآنية ومدرس طلبتها والمتصدي للإفتاء في النوازل وتحرير العقود والمشرف على امور القبائل يجري في الصلح بين المتقاتلين واصحاب الثأر وارباب النزاع.. وهذه كلها وظائف منها الروحية والدينية والتربوية والاجتماعية والسياسية يؤديها شيخ الزاوية او الولي او حفدته (اكرامن) مجتمعة في حدود مجال نفوذ الزاوية او القبائل التابعة لها. 

في حادث تاريخي يرويه صاحب المناقب انه حضر كل فقهاء المغرب وفضلائه لعقد الصلح بين السلطانين ابي عبد الله محمد الشيخ الشريف والسلطان ابي العباس احمد المريني قبل استيلاء ابي عبد الله على المغرب وحضروا وارادوا ان يوثقوا هذا الصلح واحضرت الدواة والقرطاس فلم يجترئ احد على الكتابة من العلماء والفقهاء والقضاة والكتاب وكل من وضعت الدواة بين يديه يدفعها عن نفسه للذي يليه الى ان قام ابو الحسن بن هارون فاخذ الدواة والقرطاس وطرحها بين يدي الشيخ الولي عبد الواحد الونشريسي وقال له (اكتب يا ابن الشيخ فانه لا يستحق احد ان يكتب وانت حاضر..)

وهو نفس الفعل الذي قام به محمد بن مبارك الاقاوي السوسي المشار اليه بالولاية الكبرى حين امر قبائل سوس بالانقياد الى السلطان ابي العباب احمد واخيه ابي عبد الله محمد الشيخ وامر السلطانين بالعدل والجهاد في سبيل الله لما راي النصارى تغلبوا على سواحل البلاد.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً