بقلم مصطفى اغلاسن.
في زمن تكثر فيه القيل والقال على قطاع التعليم ببلادنا، يخرج من الهامش، ومن قلب العالم القروي بجماعة تيوغزة، إقليم سيدي إفني، نموذج تربوي وإنساني مشرق اسمه الأستاذ جامع الكهيوي، أستاذ علوم الحياة والأرض بالثانوية الإعدادية تيوغزة، الذي آثر أن يجعل من قسمه منبعا للتحفيز، ومن أجرته الشهرية وسيلة لتكريم التميز، ومن علاقته بتلامذته رسالة تتجاوز حدود المقرر والامتحان.
لسنوات خلت اعتاد الأستاذ الكهيوي على الوفاء بوعد غير مكتوب مع تلامذته: من يبدع، يكافأ، وها هو هذا الموسم 2024-2025، يخصص من ماله الخاص 8000 درهم، لتشجيع ثمانية تلاميذ نالوا العلامة الكاملة (20/20) في مادة علوم الحياة والأرض خلال الامتحان الجهوي الموحد، لم تكن هذه الخطوة الأولى من نوعها، لكنها كانت الأوسع أثرا، والأكثر صدى، حيث أضحت مبادرته اليوم محط اهتمام الإعلام والمؤثرين ورواد المنصات الرقمية.
إننا لا نتحدث هنا عن أستاذ يمارس واجبه فحسب، بل عن رجل أخلص في أداء رسالته التربوية، وآمن بقدرة التحفيز على خلق بيئة تعليمية محفزة، رغم الإكراهات التي يعرفها المجال القروي، فالأستاذ الكهيوي، الذي استقر في تيوغزة منذ سنوات، لم يعرف فقط بإخلاصه لمهنته، بل بأخلاقه العالية وتواضعه الكبير، ما جعله محط تقدير الصغير والكبير، داخل المؤسسة وخارجها.
ما يميز هذه المبادرة أنها ليست طارئة أو وليدة اليوم، بل هي جزء من رؤية متكاملة تبناها الرجل منذ أربع سنوات، والنتائج بدأت تظهر، فعدد المتفوقين في مادته في تصاعد مستمر، وكثير من تلامذته السابقين أصبحوا اليوم مهندسين وأطباء وأطرا في ميادين متعددة، واليوم بدأت عدد من الأصوات تتعالى، لتطوير المبادرة عبر تأسيس جمعية من قدماء المؤسسة، لضمان استمراريتها وتوسيع أثرها.
هذا النموذج من المبادرات الفردية الخلاقة، يذكرنا بأن إصلاح التعليم لا يمر فقط عبر المخططات الوزارية والميزانيات الضخمة، بل يبدأ من القسم، ومن إيمان المدرس برسالته، ومن ثقافة الاعتراف التي تحتاج إلى من يجسدها بالفعل قبل القول.
ولعل الغاية من كتابة هذا المقال ليست فقط إبراز مبادرة فريدة، بل أيضا تقديم تحية تقدير وعرفان إلى رجل نذر نفسه لخدمة تلامذته، وآمن أن المستقبل يصنع بالتحفيز، وأن في كل تلميذ نجم يحتاج فقط إلى من ينير له الطريق.
شكرا لك أستاذ جامع الكهيوي، لأنك أعطيت مثالا وصورة مشرقة للأستاذ وللمدرسة المغربية، رغم محاولات التبخيس للمدرسة والأستاذ.
فما دام أمثال الأستاذ الكهيوي في مدارسنا وحجرات الدرس، فلا خوف عن مدرستنا، فالشكر كل الشكر لجميع الأساتذة من طنجة الى الكويرة فأنتم فخرنا وفخر مدرستنا.
التعاليق (0)