أكادير24 | Agadir24 – د. سليمان اسكاو
تتأسس مقاربة النوع “GENDER” على مرتكزات، تناولت في الجزء الثاني المرتكز الأول: الفردانية، ثم الثاني: التماثلية، الذي يشتغل عبر آليتين: انعدام التمييز ضد النساء بسبب الجنس، والمساواة بين الجنس، وفيما يلي عرض للمرتكز الثالث: المثلية الجنسية، والرابع: التمكين الذاتي للنساء “Empouvement Of Wom”.
ثالثا : المثلية الجنسية.
إن هذا المرتكز الثالث من مرتكزات فكرة “الجندر” التي تؤطر المرجعية الكونية، وتعتبر الأرضية التي تنطلق منها ت”تضمن اعترافا رسميا باللواطنين والسحاقين والمحنتين وإدراج حرية وجودهم ضمن حقوق الإنسان … كما أنها نفر حرية أن يقوم باختيار وتحديد النوعية التي يود الانتماء إليها، والنوعية التي يود معاشرتها والإطار الذي يمكن لتلك المعاشرة أن تدور في حدوده خارج قيود الزواج أو بداخله وإقرار الإجهاض وحرية اختيار وسيلة الحمل(1) سواء بالتلقيح الاصطناعي للسحاقين من بنوك أو ينظام تأجير البطون للواطين وهي أمور تمارس في الغرب منذ سنوات….”(2) وهكذا إذن يصبح مفهوم الأسرة التقليدي متجاوزا، وأصبح يدل على أشكال أخرى تحت مظلة المرجعية الكونية والشرعة الدولية، فأصبح التحدي الكبير من خلال عدسة “الجندر” كما تقول فاليري ريموند هو تنوع وضع المرأة بما فيه ميولها الجنسية”.(3)
فكلمة الميول الجنسية -كما تقول أماني أبو الفضل- تعني أكثر من هوية جنسية، فالأمر غير محدود بالميل الطبيعي بين الرجل والمرأة، بناء على إلغاء جميع الفروقات بين الجنسين كما سبقت الإشارة إلى ذلك، ولكن هناك هويات أخرى مما يفتح الباب لشرعنة المثلية الجنسية، ولذلك فتأمين هذا المطلب واعتباره حقا من حقوق الإنسان هو من قمة هرم أولويات فلسفة “الجندار”.
ولقد استطاع أنصار “الجندر” إثبات هذا الحق مطلب الاعتراف بالشواذ بوثيقة بكين +5 في البند الستين… وفي وثيقة مؤتمر الطفل البند الخامس عشر، عندما أكدت أن الأسرة هي المحضن الطبيعي للطفل، مع الأخذ في الاعتبار أن الأسرة تأخذ أشكالا متعددة، (4)
فأصبح مفهوم الأسرة حسب موسوعة “لاروس الكبرى” الطبعة الجديدة هو: “مجموعة شخصين أو أكثر بينهما علاقة قرابة سواء ضاقت أو اتسعت”،(5) فهذا التعريف يشمل جميع أنواع الأسر كما أصبحت عليه اليوم، وسواء المركبة من ذكرين أو أنثيين بينهما علاقة حب ومودة، ولا تميز بين زوج وزوجة أو ما تألف بين ذكر وأنثى ولهما بنت أو ولد لم يتحدر من صلبهما فأطفال الأنابيب والأطفال المنجبين من جينات لا تعرف أصولها، خصوصا وأن مفهوم الطفل لم يعد يعني فقط المولود من رحم أمه من علاقة زوجية حسب المفهوم الجديد للأسرة، بل يمتد إلى ما سبقت الإشارة إليه بسبب التبني.
رابعا: التمكين الذاتي للنساء “Empouvement Of Women“
إن الوجه الحقيقي لهذا المرتكز هو “ديكتاتورية المرأة” وإن كان يعبر عن مبدأ نبيل وهو” الأخذ بيد المرأة لتتمكن من أحد فرصها في الحياة”،(6) لأن المعنى الإنكليزي الأصلي الوارد في وثائق “الجندار” يحمل المعنى نفسه، وكلمة “تمكين” في العربية مرادف “Enablin” في الإنكليزية، أما كلمة “Empouverment” المذكورة في النصوص فهي تعني التقوية والتسلط والتسويد، وتمكين المرأة في ثقافة “الجندر” لا يتم من خلال دفعها وإعطائها الكفاءة اللازمة للوصول إلى ما تطمح إليه بالأدوات الطبيعية للمنافسة من خيرة وكفاءة…. بقدر ما يتم من خلال تطبيق (الحصص النسبية) تحت شعار النصف بالنصف 50/50 أي نصف للرجل ونصف للمرأة في كل مجالات العمل، وبهذا يكون العد الإحصائي هو الهم الشاغل لمفكري الجندر…. (7)
وهذا ليس فقط “دكتاتورية” يحاول بها التيار النسوي ابتزاز المجتمع، لكن أيضا هو تسول وانتهازية غير مقبولة للمرأة ذات الكرامة لتنال مالا تستحق، وفي هذا الإطار تأتى اللائحة الوطنية التي خصصت %10% من مقاعد البرلمان بمجلس النواب في استحقاقات 27 شتنبر 2002 وما تلاها من الاستحقاقات بالمغرب، والذي نصت عليه خطة العمل الوطنية الصادر سنة 1999، (8) ويعتبر ترجمة حرفية لبنود وثيقة مؤتمر بكين وقبله مؤتمر السكان والتنمية بالقاهرة.
فهذا الإجراء أي -إجراء الحصص- منبعه “عقدة اضطهاد واضحة، ونظرية مؤامرات مخترعة تتوارى خلفها المرأة الكسولة التي لا طموح لها، والتي على الرغم من خمولها تسعى لنيل الوظائف عن طريق الحصص هذه، والناظر لنظام الحصص هذا يجد أنه ليس فقط معيبا للمرأة ومشجعا إياها على الخمول وانعدام الطموح، ولكن أيضا هو دمار للوطن، حيث يتولى قيادته من لا كفاءة ولا خبرة ولا مطامح، وبذلك تكون فكرة التمكين هذه مرفوضة على مستوى النساء أو الرجال، أو أي فئة أخرى من فئات المجتمع تفتئت بها على فرص وحقوق الآخرين”.(9)
إن هذه الفلسفة الغربية المسماة “الجندر” والتي تعتبر منطلق المرجعية الكونية من مواثيق دولية، ومعاهدات تتعارض تعارضا مطلقا مع الفلسفة التي بنيت عليها الشريعة الإسلامية، وتبنى على أساسها توزيع الحقوق والواجبات وتحديد الأدوار لكل فرد داخل المجتمع.
أقرأ أيضا
________________________________
لائحة المصادر والمراجع:
(1)بناء على المرتكز الأول الفردانية الذي سبقت الإشارة إليه.
(2)المرأة والنظام العالمي : رؤية إسلامية ذ. زينب عبد العزيز، جامعة الصحوة الإسلامية، 273/2-274 .
(3)الجندر و تفويض المرأة، ديل أوليدي ص: 7 نقلا عن تحرير المرأة العربية فلسفة الجندر نموذجا، ص: 534 وما بعدها.
(4) والغريب أن هذا البند في وثيقة الطفل لم يتحفظ عليه أحد من أي وفد من الوفود الرسمية العربية والإسلامية على الرغم من الضغوط الشعبية تحرير المرأة المسلمة أماني أبو الفضل ص: 534.
(5)مفهوم الأسرة ووظيفتها، عبد الهادي بوطالب، ص: 159.
(6)التحرير المرأة العربية فلسفة الجندر نموذجا، ص: 535.
(7)تحرير المرأة العربية: فلسفة الجندر نموذجا، ص: 535.
(8)وقد نصت على ذلك في مجال تعزيز الوضعية القانونية والسياسية للمرأة، الهدف الثاني: تحت عنوان تعزيز السلطة السياسية للنساء، وذلك بضمان تمثيلية ملموسة للنساء في الوظائف العليا وفي مناصب أخذ القرار، وكإجراء مقترح في الإجراء رقم : 34 العمل بمبدأ الكوطا لصالح النساء في البرلمان 33 من المائة، وفي مجلس المستشارين”، وكذلك في هيئات الأحزاب (الإجراء: 35)، وفي الهيئات النقابية (الإجراء:36) الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، ص: 199.
(9)المرجع السابق، ص: 237