هذا المقال من رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن توجه أكادير 24.

مجازية الخبز الورقي

كُتّاب وآراء

(.. أنا أعرف ما يحدث، هناك من يطحن الورق، لذلك يجب أن تكون هناك إجراءات ردعية، عليكم أن تروا الدقيق المدعم الذي يكلف 16 مليار درهم، ففي بعض المناطق هو غير قابل للاستهلاك)

من سوء حظّي أن هذا الخبر تزامن مع كسر خبز بيدي لحظة وجبة الغداء.. أخضعتها في الحين لعملية التنقيب باحثاً وسط هذا الفتات عن بقايا مكونات الورق وسط هذه العجينة وعيناي على مصدر الخبر وأسباب نزوله لأجد ان الامر يتعلق برئيس فريق برلمانيّ واحد مكونات الاغلبية الحكومية.. وداخل قبة البرلمان وفي جلسة مؤسسة دستوريّاً.. ليكون الخبر بهذه الصيغة أكبر صدمة يتلقّاها الخبزيون مثلي..

هل نأكل الورق..

وبشكل جدّيّ.. هل يصل ببعض بني آدام ان يخلط خبز الكادحين والفقراء بمادة الورق من أجل إشباع نهمه الفظيع..!؟

وبكل صدق ومنذ قراءة الخبر.. اعتقدت ان في الأمر سوء فهم كبير حتى إطّلع علينا صاحب الخبز الورقي بتصحيح ما يودّ قوله مستعينا بالبلاغة العربية وبقبّعة أديب لغوي يفصل بين المجاز اللغوي والإستعارة المكنيّة داخل قبة البرلمان التي من المفروض ان تكون اللغة فيها حقيقية واقعية موثوقة بالمعطيات والأرقام وحجاجيّة بالوثائق والمستندات..

فما الذي يمنع رئيس فريق نيابيّ ومن الاغلبية ان يقول بصريح العبارة ما يلي :

إن دعم خبز المغاربة لا يستفيذ منه إلا أصحاب المطاحن من خلال تسويق دقيق مغشوش بفاتورة مزوّرة.. وتدلي بما يثبت ذلك.. مطالباً بلجنة تحقيق في الموضوع

هل رأيت السيد رئيس الفريق الأمر لا يحتاج إلى المجاز أو غيره من فهلوة الكلام..

ولنفرض حسن النية في مقصديتك بطحن الورق..

فقد بدأ من خلال تصحيحك للأمر عبر حسابك الخاص انك اعتمدت تبريراً سوقيّاً وبمعناه الحقيقي حين اعتبرت أن أصحاب المطاحن الكبرى ليسوا حمّاق لطحن الورق وهو أغلى من الدقيق..

والحمد لله على هذا الغلاء.لأنه هو المانع الوحيد عند السيد رئيس الفريق الأغلبي.. دون أن يكون الأمر متعلقاً بالدرجة الأولى بماهو أخلاقي بامتياز بل بغلاء الورق فقط ولو كان رخيصا لاعتبر طحن الورق مع الدقيق عاديا..

بعيداً من حمى الانتخابات التي ارتفعت درجة حرارتها هذه الأيام  داخل مفاصل الفريق الأغلبي داخل البرلمان وبلغة المزايدة والشعبوية.. لنطرح سؤالاً  جوهريّاً للسيد رئيس الفريق الأغلبي

هل هذه الحقيقة / الفضيحة التي ادليتم بها داخل قبة البرلمان وليدة اللحظة.. ؟

وإذا كان الجواب عكس ذلك.. لماذا لزمتم الصمت طيلة هذه المدة..

أبعد من ذلك لماذا لزمتم الصمت أمام دعم أباطر استيراد اضحية العيد قبل سنتين.. جعلت أغلبية المغاربة يكتوون بغلاء الأضحية آنذاك.. والبعض منهم تم حرمانه من هذه الفريضة..!

والأمثلة عديدة بعدد ثقوب جيوب المغاربة بطحن ما تبقى من القدرة الشرائية.. والإكتفاء بالحد الادنى من مواكبة هذه السرعة الجنونية التي تعرفها اسعار المواد الغذائية والمدعمة أصلاً..

وكيف كان الحال نودّ ان نشكر السيد رئيس الفريق على  تفجير هذا الطحن الورقي للفاتورات واتهام البعض بتزويرها.. بل وتهديد الصحة العام للمواطن المغربي بتوزيع دقيق مغشوش مطالبين في نفس الوقت بتحريك مسطرة المساءلة القضائية من طرف النيابة العامة وفتح تحقيق عاجل على خلفية هذه الفضيحة ذات الصلة بصحة المواطنين عبر الدقيق المغشوش من جهة.. وبالمال العام الذي يطحن وبالملايير من جهة ثانية

غير ذلك فآلة الطحن قد وصلت كسر خبز لسد رمق جائع هذا الوطن..

أليس للجشع والنهب حدّ في هذا البلد

من هنا تبدأ ضبط السرعتين..

ولنا أمل في ذلك

يوسف غريب كاتب صحفي