لم نكن نسمع عنها لا خبرا ولا تعليقا، وهي المسؤولة عن قطاع حيوي اسمه الثقافة. وحين تكلمت، عرفنا أي ثقافة تحمل ممثلة الثقافة في المجلس الجماعي لأكادير. السيدة النائبة للسيد رئيس المجلس الجماعي لأكادير، تحدثت بلغة واضحة، وتعبير مفهوم: “لي عجبو الحال مرحبا، ولي ما عجبوش الحال إخوي المدينة وحنا نجمعو ليه الفلوس”.
السيدة لم تقل عيبا، وإنما تعبر عن ثقافتها وثقافة الحزب الذي تنتمي إليه. فلماذا هذا الهجوم الكبير عليها والمرأة إنما تعبر عن قناعاتها؟
حقيقة…ما قالته السيدة النائبة لا يمت للثقافة بصلة، وإذا استحضرنا التاريخ الثقافي لمدينة الانبعاث، فإننا نتساءل عن حال الثقافة في مدينة تحمل المؤسسات الثقافية والشبابية أسماء مثقفيها. لذلك انتفض سكان مدينة أكادير بكل شرائحهم، يطالبون باعتذار، وهناك من ذهب إلى حد المطالبة باستقالة السيدة النائبة. فلماذا نطالب بأن لا نظلم السيدة النائبة المكلفة بالثقافة؟
السيدة النائبة، تنتمي لحزب وهي امتداد لثقافته. كلنا نتتبع لقاءاته التي يجعل فيها من الأكل عاملا لضمان الحضور. كلنا تتبعنا لقاء شبيبة الحزب في أكادير التي حرص المنظمون على الرقص على أنغام “مهبول أنا” خوفا من مغادرة الحضور الذي لا يعرف لماذا يتواجد هناك، قبل أن يأتي الرئيس لإلقاء كلمته.
وغير بعيد، في اللقاء الأخير الذي نظمه حزب الحمامة في الداخلة، اعترفت ممثلة بأنها كانت على رأس لائحة الحزب وهي التي لم تمارس السياسة من قبل ولا دراية لها بأفكار وبرامج الحزب. في لقاء الداخلة لم نسمع للسياسة تتحدث ببنت شفه رغم أن اللقاء هو لحزب سياسي. كل ما سمعناه، مديح في الرئيس، وبأنه غيَّر ملامح السياسة في بلادنا. كل ذلك المديح على وزن البيت الشعري:
وأنت شمس والكواكب حولك…..إذا برزْتَ لم يَبْدُ منهن كوكب.
ولا ينقص لقاء الداخلة، سوى أن تنطق الحمامة لتقول: “أعطوه مائة دينار وأضيفوا عليها ورقتنا الزرقاء المباركة”.
فلا تظلموا السيدة ممثلة الثقافة في مجلس أكادير، فهي إنما عبَّرت عن ثقافة الحزب الذي تنتمي إليه. وتعتبر أن رئيس الحزب، شمس إذا أشرقت فوق شاطئ أكادير، لا يجب أن يظهر في المدينة سوى نور الرئيس، وما عداه يجب أن يرحل عن المدينة. لذلك فالسيدة النائبة، لا تفهم الانتقادات الموجهة لمجلس السيد الرئيس. فالثقافة السائدة في مدينة الانبعاث، ليست هي الثقافة التي تمرَّسَتْ عليها السيدة النائبة في حزب الحمامة. فاعذروها يا أهل مدينة الانبعاث.
طالبتم باعتذارٍ، وهو ما فعلته السيدة النائبة. والاعتذار كما يُقال من شيم الكبار. لكن الاعتذار هو الآخر يعكس نفس ثقافة “الحمامة الزركة” التي يغيب عن قاموسها الثقافي، أن السياسة ليست مديحا للرئيس، ولا زغرودة للإنجازات بلسان ممثلة الثقافة في المدينة، وأن دور المعارضة هو انتقاد أداء المجلس الجماعي، ولو كان على رأسه شمس إذا برزت غابت الكواكب.
نقرأ في اعتذار السيدة النائبة “وأنا أرد على بعض الأصوات التي تعمد في كل مرة إلى تبخيس العمل المهم الذي يقوم به مجلسنا…”، فحتى لغة الاعتذار لم تستطع أن تنسلخ من ثقافة الحمامة، فوصفت النقد ب”التبخيس”.
سيدتي النائبة، والمسؤولة عن الثقافة، ساكنة أكادير تعرف جيدا أن ما تشهده المدينة من تطور هو مشرع ملكي، تم توقيعه من طرف المجلس السابق أمام أنظار جلالة الملك. ومجلسكم وجد البرنامج جاهزا ولا مجال لوضعه فوق أجنحة الحمامة مهما بلغت في زرقتها. ساكنة أكادير تُسائلكم السيدة النائبة عما قمتم به في مجال الثقافة، إن بقي شيء في هذه المدينة اسمه الثقافة. تسائلكم كذلك عما قام به مجلسكم خارج البرنامج الملكي. هذا ليس تبخيسا كما جاء في اعتذاركم، وإنما نقد يحتاج للتوضيح وليس المطالبة بمغادرة المدينة.
مرة أخرى لا تظلموا السيدة النائبة، فبكلماتها تلك، إنما تعبر عن ثقافة الحمامة، وحتى لغة الاعتذار تدور في فلك هذه الثقافة.
فهل تكون حادثة التعبير في الكلام، مناسبة للتخلي عن ثقافة الحمامة، ليلتئم الحزب بثقافة المدينة، التي بناها مثقفوها لبنة تلو اللبنة، ونحن الآن نخاف من ضياع تلك اللبنات تحت أجنحة الحمامة الزرقاء.
ننتظر من السيدة المكلفة بالثقافة، مرافعة أو مقالا تعبر فيه للساكنة عن برنامجها الثقافي بعيدا عن ثقافة “الحمامة الزركة”. نريد فقط أن نطمئن على الثقافة في مدينة الانبعاث التي جعلها جلالة الملك عاصمة وسط المملكة الشريفة.
سعيد الغماز-كاتب وباحث
التعاليق (1)
سلمت ريشتك استاذ سعيد التي لم تترك شيئا من المميزات الثقافية لحزب الدجاجة المثقف.