صيام ساركوزي في “لا سانتيه”: زبادي الاحتجاج أم خوف التسميم؟

خارج الحدود


يعيش الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، وضعًا استثنائيًا ومثيرًا للجدل داخل أسوار سجن “لا سانتيه” الباريسي لأكثر من أسبوعين.
المثير في الأمر هو قراره الصارم بالامتناع عن تناول جميع الوجبات المقدّمة من إدارة السجن، مكتفيًا بالزبادي فقط.
هذه الخطوة الغذائية غير المعتادة أثارت ضجة واسعة في الأوساط الفرنسية، منقسمة بين من يراها احتجاجًا صامتًا على وضعه، ومن يفسرها كـخوف مرضي من التسميم.

“قضية التمويل الليبي: ساركوزي في زنزانة الانفراد.

يأتي هذا التطور في حياة الرئيس الأسبق، البالغ من العمر 70 عامًا، بعد إيداعه السجن على خلفية ما يُعرف بـ”قضية التمويل الليبي”. وتتضمن القضية اتهامات خطيرة تتعلق بتلقي أموال غير مشروعة من نظام الزعيم الراحل معمر القذافي لتمويل حملته الرئاسية الناجحة عام 2007.

رغم طلب الاستئناف، أُمر بإيداع ساركوزي السجن إلى حين البت في الطعن، ليقضي أيامه في زنزانة انفرادية تحت مراقبة أمنية مشددة، في واحدة من أكثر القضايا إثارة في تاريخ الجمهورية الخامسة.

الخوف من “دسّ شيء”: الزبادي ملاذ الأمان

كشفت تقارير إعلامية فرنسية أن الرئيس الأسبق يعيش حالة من القلق المستمر. فهو يرفض تناول أي طعام مطبوخ يُقدَّم له من مطبخ السجن، ويفضّل الاعتماد بشكل حصري على الزبادي الذي يعتبره أكثر أمانًا. وتشير مصادر مقربة إلى تخوفه الجدي من إمكانية “دسّ شيء في طعامه”، على الرغم من وضعه تحت حراسة خاصة ترافقه في جميع تحركاته داخل “لا سانتيه”.

منذ دخوله السجن في 21 أكتوبر الماضي، لم يتناول ساركوزي أي طعام مطبوخ، واكتفى بعشرات علب الزبادي يوميًا، ما أدى إلى فقدانه عدة كيلوغرامات من وزنه ودفع إدارة السجن إلى مراقبة حالته الصحية عن كثب.

تحليل السلوك: من “سجين سياسي” إلى التمرد الذاتي:

يرى محللون أن سلوك ساركوزي يحمل دلالات سياسية ورمزية عميقة. فمقربون منه يشيرون إلى أنه يسعى للتعبير عن رفضه للوضع الذي وُضع فيه، معتبرًا نفسه “سجينًا سياسيًا” وليس مجرمًا عاديًا.

من جهة أخرى، يفسر مختصون في علم النفس هذا الامتناع عن الطعام بأنه محاولة لاستعادة جزء من السيطرة في بيئة الحرمان الكلي. ووفقًا للطبيب النفسي فيليب تورنيه، فإن “التحكم في الطعام هو شكل من أشكال التمرد الذاتي في مواجهة عزلة السجن”.

ترقب قرار قاضي الحريات: هل يخرج ساركوزي؟

من المرتقب أن يمثل ساركوزي، يوم الإثنين المقبل، أمام قاضي الحريات للنظر في طلب الإفراج المؤقت الذي تقدم به محاموه. هناك مؤشرات ترجّح احتمال الموافقة على الطلب، خاصة بعد الإفراج عن أحد المتهمين في الملف نفسه قبل أيام.

يعيش الرئيس الأسبق اليوم فصلاً غريباً وفارغًا من حياته خلف الأسوار، يبدأ يومه بعلبة زبادي وينهيه بقلق، بينما ينتظر الفرنسيون قرار القضاء الحاسم بشأن مصيره.