سعيد الغماز-كاتب وباحث
محكمة الاستئناف تؤيد الحكم الابتدائي الصادر في حق الصحافي المستقل حميد المهدوي، وتقضي بسجنه سنة ونصف سجناً نافذاً، إضافة إلى غرامة ثقيلة قدرها 150 مليون سنتيم.
لسنا هنا بصدد التدخل في الأحكام القضائية، ولا التعليق على أحكامها، لكن من حقنا أن نطرح تساؤلاً مشروعًا: ما هي الجريمة التي ارتكبها هذا الصحافي حتى يصدر ضده هذا الحكم القاسي؟
نظرة عابرة على تفاصيل القضية، كافية لتؤكد أن المؤسسة التي تشرف على موقع بديلتواجه اليوم شبح الإفلاس، وإغلاق قناة حميد المهدوي وإسكات صوته بعد تكميم فمه.
اليوم، بعد إغلاق صحيفة أخبار اليوم التي أسسها توفيق بوعشرين، يأتي الدور على موقع بديل وقناة المهدوي، اللذين يسيران في الاتجاه نفسه.
إن غلق نوافذ الصحافة الجادة، وتكميم أفواه الصحفيين المستقلين، لن يؤدي سوى إلى إفقار الساحة الإعلامية وتجريدها من أي روح نقدية حية. فهل يمكن لمثل هذه الممارسات أن تصنع إعلامًا يتمتع بالمصداقية ويحظى بثقة الجمهور؟
الإعلام بلا مصداقية يبقى كائنًا ميتًا، مهما تكفلت الجهات المعنية بعلاجه في أفخم المستشفيات وصرفت عليه أموالًا طائلة لإنعاشه وضمان بقائه.
الإعلام الناجح لا يقوم على منطق “التسمين بالأموال”، ولا على إغراءات الامتيازات. كلمة السر الوحيدة لبناء إعلام يحترمه الناس هي المصداقية. والمصداقية لا تتحقق إلا بالنزاهة. والنزاهة، ما هي إلا ثمرة طبيعية للاستقلالية.
إن الإعلام في جوهره هو الصحافي الحر والمنبر المستقل. الجميع يعرف طبيعة كل صحافي وكل موقع إعلامي، ويدرك خلفيات عمله ومبادئه. فلماذا لا يتسع صدر الوطن ليشمل الجميع على اختلاف أصواتهم وتوجهاتهم؟
في الأخير نقول: إن تكميم الأفواه لا يبني صحافة موثوقة. كما أن التضييق على حرية الرأي، لا يعزز مصداقية الإعلام. العالم يعج بالمنابر الإعلامية، فإلى أي اتجاه نسير؟