بعيون غائرة وباهتة وجبين مجعّد خاصة بين الحاجبين وسط وجه شاحب بشفتين مرخيتين تحاولان جاهدة ضبط تأتأة المفردات وتلعثم الجمل مع ارتباك فضيع بين أجوبة الوهم عن أسئلة الحقيقة..
هكذا ظهر قائد الدبلوماسية الجزائرية السيد احمد عطاف أمسية اليوم بقناة الجزائرية 24 الدولية تحت عنوان لقاء خاص حول نقطة خاصة ذات الصلة بالقرار الأممي التاريخي 2797..
بكل سخرية سوداء وطيلة مدة الأربعين دقيقة وأنا أسمع بتمعن زائد أجوبة هذا الوزير خرجت بهذا الاستنتاج وهو أن مجلس الأمن الأممي أصدر قرارين.. واحد شرعي مبعوث لكل دول العالم
والثاني خاص بالجزائر فقط وصالح فقط داخل الجزائر وقنواتها.. ومتداول بين أجهزتها لاغير..
نعم..
السخرية الملفوفة بالكثير من الشفقة هي الوحيدة القادرة على فهم عجز وشلل هذا الوزير في خلق انسجام بين تأويله للقرار الأممي التاريخي وبين ملامح وجهه الباعثة عن الحزن واليأس والإحباط.. والتعسر في الكلام كاي تائه داخل هزيمة دبلوماسية حقيقية يبحث عن سراب انتصار
وإلا كيف يستقيم هذا الإنسحاب من التصويت على القرار الأممي الذي أوّلته لصالح أطروحتكم الإنفصالية.. ؟
لا شك أن هناك خلل ما داخل دولتكم السيد الوزير.. ؟!
أو داخل أدمغتكم.. ؟!
ام نحن امام دولة بنظام عصابة تعيش أسوأ صراع بين اجنحتها ودفعت بك جبهة الرفض لأي تقارب مغربي جزائري كي تلعب هذا الدور البئيس.. خاصة بعد تصريح للسيد بوريطة قبل يومين
(.. العلاقة مع الجزائر أقرب اليوم من أي وقت مضى، إذا توفرت الإرادة السياسية).
هذه هي الرسالة التي يودّ شنقريحة إرسالها للجميع وخاصة داخل الجزائر… ولن يجد احسن من وجهك يستطيع أن يقرأ الهزيمة بعيون المنتصر
انت نفسك الذي كان يتوسّل روسيا والصين والدنمارك وسلوفينيا عبر مكالمات هاتفية متواصلة قبل انعقاد مجلس الأمن الدّولي بأسبوع.. وحتى كوريا التي زارها شنقريحة نفسه..
كلها صوّتت للقرار التاريخي الأممي يوم 31 أكتوبر
نعم هو قرار إقبار لأطروحتكم الإنفصالية وبشكل أبديّ..
بل استفتاء دولي لمكانة المملكة المغربية وللوضع الإعتباري المتميز لملكنا شفاه الله تعالى والتقدير والإحترام لشخصيتيه لدى قادة دول العالم ونحن على بعد خمسة أيام من انعقاد الدورة استطاع بفضل رمزيته ان يغير المعادلة من 6 دول إلى 11 مع تحييد روسيا والصين من قرار إسقاط القرار عبر حق القيثو..
هذه الرمزية الإستثنائية وبإجماع دولي تدعوكم ايها الأجلاف بكل نبل وتواضع المنتصرين إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ان نتقاسم خيرات الصحراء التي أصبحت مغربية بسند أممي بعد الشرعية التاريخية..
وكأن جلالة الملك يعرف خبث البعض منكم وخاصة أصحاب الخودات حين قال في نفس الخطاب
( لقد حان الوقت وقت المغرب الموحّد من طنجة إلى الگويرة الذي لن يتطاول أحد على حقوقه وعلى حدوده التاريخية)
هذا هو الجواب لقائدنا باسم الشعب المغربي لك ولمن أرسلوك في اللقاء السريع ايها الوزير الذي افتخر يوما بأنه صاحب التوقيع على قرار الإغلاق خلال العشرية السوداء…والأكثر سواداً انك عدت إلى نفس المنصب كي يحيق المكر السيء بك وسط محيط حدودي مغلق بالكامل على بلدكم ومن كل الجهات الا بوابة تونس..
ومع ذلك ساترك جانبا تهنئة المغرب بهذا القرار الأممي 2797 من طرف أغلبية دول العالم والمنظمات القارية أوربية واسيوية وغيرها واعتبر ساخراً- انها جاهلة بمضمون القرار.. مكتفياً فقط بما صرح به بعض المسؤولين من داخل الجزائر كالسيد مقري رئيس حركة مجمتع السلم الذي عبر عن رفضه للطريقة التي أدارت بها الدبلوماسية الجزائرية هذا الملف الحساس معتبراً ان ما جرى في نيويورك هزيمة للنظام ولعقيدة الدولة الجزائرية مضيفا بأن مجلس الأمن اعتمد فعليا قرارا يدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي كحل وحيد تحت السيادة المغربية..
هذا واحد من داخل الديار السيد الوزير وبهذا التصريح يجعلك ليس كذّاباً.. أبداً.. بل وزيراً رفع عنه القلم..
وحتى اصدقاؤكم في إيران تساءلوا عبر وكالة الأنباء هناك عن سر امتناعكم عن التصويت وانتم أصحاب القضية كما يعتقدون..
لكن لم يعرفوا ولن يعرفوا سرّ اختيار هذه السنة بالضبط لحسم الملف وخروج مجلس الأمن من المنطقة الرمادية هو اختيار استراتيجي مدروس بكل دقة ذكاء.. وصناعة محبوكة بالطرز المغربي الأصيل لفرصة لن تتكرر في هذا المجلس إلا بعد سنوات.. فرصة حضور الجزائر لقرار دفن أطروحتها الإنفصالية.. وهي تتابع بكل عيون دامعة أصدقاءها يصوتون لصالح المقترح المغربي الذي اعتبره ذات يوم الرئيس تبون ( خرافة وفعايل ديال جحا) حسب قوله اللفظي
هو إجماع دولى واستفتاء أممي على مكانة المملكة المغربية الشريفة ومن مختلف الاطياف بمقاربتها المتصارعة تجمتع وتتوحد على نجمة خضراء لا شرقية ولا غربية.. درجة ان دولة باكستان أخبرت الوفد المغربي بساعات قبل التصويت بأن موقفها ليس ضد المغرب بل خوفا من إقليم كاشمير في صراعها مع الهند..
أما نحن بنات وأبناء مغرب العز بين الأمم.. على قلب الإطمئنان بعد خطاب النبل لقائد البلاد …وإطلالة السيد بوريطة البهية بتفاصيل حتى ما وراء السّتار
نقول وبصوت واحد
شكرا لكم يا جلالة المللك
فنحن سعداء ان نعيش لحظة إغلاق قوس ملحمة ثورة الملك والشعب بعد سبعين سنة من انطلاق شراراتها..
يوسف غريب كاتب صحفي
