تتواصل موجة الغلاء التي تطال مجموعة من المواد الاستهلاكية الحيوية، وهو ما يثير قلق المواطنين المغاربة الذين ينشدون في كل مرة حلولا فعالة من أجل محاصرة “تغول الأسعار”.
وبعد مناشدتهم مجلس المنافسة من أجل التدخل لوضع حد للممارسات التي تقضي على المنافسة الشريفة وتؤدي إلى الاحتكار ورفع الأسعار، يرى المتضررون من الغلاء أنه لا بد من استدامة حملات المراقبة التي تقوم بها اللجان المكلفة بمراقبة الأسعار وجودة المنتجات الغذائية.
وشدد هؤلاء على أن عمل اللجان المذكورة يجب أن يستمر طول السنة، لا في المناسبات فقط، مراهنين على دورها في مراقبة الأسعار والحد من تغولها.
وفي مقابل ذلك، يرى حماة المستهلك أن هناك “سوء فهم” لدى المواطن المغربي حول القانون المنظم لحرية الأسعار والمنافسة، باعتبار أن ما يحدد الأسعار حصرا هي “المنافسة الحرة”.
وأوضح هؤلاء أن “ما يتعين على هذه اللجان فعله هو مراقبة إشهار الأثمنة باعتباره من أنجع الطرق لخفض الأسعار”، فيما تبقى “الكلمة الأولى والأخيرة للمستهلك الذي يحوز ورقة المقاطعة”.
وتفاعلا مع هذا الموضوع، كشف بوعزة الخراطي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق المستهلك، أن “تركيبة اللجان المذكورة تبقى من الأساس غير قانونية”، مؤكدا أن “كل المؤسسات الممثلة في هذه اللجان ينبغي أن تتوفر على لجنة خاصة بها وتراقب السوق وفقا للأدوار المنوطة بها”.
وشدد الخراطي على أن “الدور الذي يمكن للداخلية القيام به من خلال أي لجنة ذات علاقة بموضوع الغلاء، هو مراقبة إشهار الأثمان بالأسواق”، في حين “لا يمكن لأي لجنة أن تراقب الأسعار، بصرف النظر عما إذا كانت مراقبة ظرفية أو على مدار السنة، لأن حرية الأسعار مكفولة بمقتضى القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة”.
وأبرز المتحدث أن “ما يتعين على المستهلكين المغاربة فعله للحد من موجة الغلاء الحالية، هو ممارسة الحق في الاختيار المكفول بموجب القانون 31.08 المحدد لتدابير حماية المستهلك”، مشيرا إلى أن “بعض المستهلكين المغاربة غير واعين بهذا الحق، لأن إنجاح مقاطعة مادة واحدة يمكن أن يؤدي إلى خفض أثمنة مواد أخرى”.
وخلص الفاعل الحقوقي إلى أن “إيفاد أقسام الشؤون الاقتصادية والتنسيق التابعة لوزارة الداخلية لجانا خاصة بها لأجل مراقبة الأثمنة، لا الأسعار، في الأسواق المغربية بشكل دائم، يمكنه أن يساهم في خفض أسعار المواد الأساسية”، غير أن “الكلمة الأولى والأخيرة تبقى للمستهلك المغربي”.
تعليق واحد
نعم ، قانون الأسعار والمنافسة يعاقب فعلا كل تاجر لم يشهر اثمان بيع المواد المعروضة للبيع . لكن هذا الاجراء ومعه شرط حرية اختيار المنتوج من طرف المستهلك في جو تنافسي في السوق لا ولن يوقف ابدا زحف تغيرات الاسعار الاحتكارية نحو الاعلى ، لأن الآليتان الاشهار والمنافسة الواردتان في القانون المذكور قد تصيبان فقط في الحالات التالية :
– وجود نظام معاملات تجارية حركي داخل اقتصاد منظم يتيح لوظيفة المراقب فهم قنوات توزيع المنتجات وضبط كيفية تحديد أسعار بيعها للعموم ، لأن المعاملات تتم بوثاق وفواتير تحمل معطيات منصوص عليه في قانوني التجارة والضريبة على القيمة المضافة.. وحيث أن كيفيات إشهار الأثمان لايثير الكثير من الصعوبات و العراقيل..
– توفر شرط مستوى ثقافي مقبول وثقافة استهلاك بناءة و مستهلك مواطن هي فعلا شروط تتيح للمستهلك القدرة على تحليل المعطيات ومكونات سعر المنتوج و أيضا على فهم الكثير حول المنتوج و استصدار مواقفه في الحين….والملاحظ أن هاذين الشرطين بدءا يتقهقران كل يوم بسبب تغلغل بنيات القطاع غير المنظم وفوضى السلوكيات عند تحديد اسعار البيع للعموم وحتى على مستوى الأسواق الممتازة..وهذه اشكالية أخرى
خارج هذين الشرطين اللذين قد يخففان فقط من ثقل الاحتكار وفوضى الأسعار ، نقول أن حث التجار على اشهار الأثمان لإيقاف ارتفاع الأسعار في مجالات تجارية غير مهيكلة وغير منظمة وفق قانون المنافسة لم تعد لها معنى وهذا راجع الى عوامل متعددة من بينها :
– طرق اشهار اثمان المواد أن توفرت نيتها بدائية وأحيانا احتيالية و تبقى غير ظاهرة وغير مقروءة وغير محينة. المستهلك المغربي يعتمد على التواصل الخرافي والعقيم المباشرين مع التاجر حين استفسار ثمن البيع حتى لو تم اشهار سعرالمنتوج أمامه ..
– لن تتيح لك فرصة في يوم ما أن تصادف مستهلكا قام باستفسارر تاجر حول كيفية تحديد سعر بيع المنتوج المراد اقتناؤه، أو قام بتوجيه طلبه للتأجير لكي يطلع على وثيقة بهدف فهم سعر المنتوج ومعايير جودته .
– القول بكون حرية التنافس بين الفاعلين التجاريين يؤثر على أحوال هبوط الأسعار يبقى خرافة لأن الظرف الاقتصادي الذي يعيشه المغرب والعالم معا يعرف تجادباتفي القلة وفي وفرة العرض وامام طلب ضاغط صعب الفهم و انتشار جشع لوبيات خطيرة تكونت لان تجميد وظائف الدولة ساهمت في عقم وظائف القوانين الضريبية و في الاستثمار في البنيات المنافسة للاحتكار وبالموازاة الاستمرار في نهج سياسة ليبرالية متوحشة تفقيرية لأغلب الناس..
– ضعف القدرة والاجتهاد على اعمال على الأقل ما هو ضمن المتاح في القوانين المتوفرة سمة افقدت الأجهزة الرقابية هيبتها وقوت في الموازاة جشع المحتكرين واللوبيات التجارية التي اغتنت..
– الاسعار الحالية التي تحدد في الأسواق هي أيضا نتاج سياسة تصدير لها لوبياتها ولن تتحكم فيها الأجهزة الرقابية لانها فوق الجميع…