شكلت الرسائل القصيرة SMS ثورة حقيقية في عالم الهاتف النقال حتى أصبحت جملة “صيفط ليا ميساج” جملة متداولة على أوسع نطاق. فما هي قصة “الميساج” عبر البورتابل؟
الرسالة القصيرة عبر شبكة النقال SMS (Short Message Service) هو اختراع تم في فنلندا، صاحبه فريق عمل يشتغل في شركة نوكيا. لم يكن فريق العمل هذا يتوقع أن يتخطى اختراعه كل الحدود وتصبح له شعبية عالمية. فقد كان موظفو شركة نوكيا يشتغلون على مشروع يسمح للأشخاص الصم أو الذين يعانون من اضطرابات في السمع، من استعمال شبكة النقال هم أيضا كباقي الأشخاص. أفضت أبحاثهم إلى خدمة أطلقوا عليها اسم SMS أي خدمة الرسائل القصيرة. وهكذا تمكن الفريق من إرسال أول رسالة قصيرة في 1992 من كومبيوتر إلى هاتف نقال.
وبعيدا عن الهدف الذي كان وراء هذا الابتكار، عرفت خدمة الرسائل القصيرة إقبالا كبيرا فاق كل التوقعات، وفاجأ حتى الفريق الذي ابتكر هذه الخدمة. فظهرت في سوق الاتصالات مطارف خاصة بالرسائل القصيرة مجهزة بلوحة مفاتيح للكتابة، وهو الأمر الذي لم يكن متاحا في الهاتف النقال في ذلك الوقت. هذه الخدمة تم عرضها في المغرب تحت اسم “الرقاص”، استحضارا لأول ساعي البريد الذي كان ينعته المغاربة بالرقاص. وبعد ظهور الهاتف النقال المجهز بلوحة مفاتيح لكتابة الرسائل القصيرة، أصبحت شبكة الجيل الثاني بإمكانها استيعاب هذه الخدمة، وهو الحدث الذي جعلها تنتشر بين سكان العالم بسرعة الضوء، كما أنه عجَّل باندثار مطارف الرسائل القصيرة. فتوقفت خدمة الرقاص في المغرب رغم أنها لم تعمر طويلا.
نجاح هذه الخدمة في استقطاب شريحة واسعة من المجتمع، دفع ببعض الفاعلين في الاتصالات إلى محاولة تكريس بصمتهم الخاصة في هذا الاختراع وعلى رأسهم الفاعل الفرنسي SFR، الذي بادر إلى إطلاق خدمة الرسائل القصيرة تحت الاسم التجاري (TEXTO) وقام بتسجيله كعلامة تجارية محمية في 2001. إلا أن الأمر لم يعرف النجاح الذي كان يتوخاه الفاعل الفرنسي حيث اشتهرت الخدمة عالميا باسم SMS وهو ما دفع محكمة الاستئناف الفرنسية في 2009 إلى إلغاء حقوق التسجيل اعتبارا لكون الخدمة أصبحت مستعملة من طرف جميع زبائن الهاتف النقال.
استعمالات الرسائل القصيرة عرفت بدورها تطورا متسارعا. فبعد أن كانت تستعمل فقط من طرف الفاعلين في الاتصالات لإخبار زبائنهم عند الضرورة، تطورت الخدمة لتصبح وسيلة عملية للتواصل بين الناس، ساهم فيها التكلفة التي تقل كثيرا عن تكلفة المكالمة عبر النقال. وبعد اتساع قاعدة مستعملي الهاتف النقال ظهرت وظيفة جديدة لخدمة الرسائل القصيرة في عالم التجارة. وفي وقتنا الحاضر ظهرت شركات متخصصة في هذه الخدمة. على الصعيد العالمي تم تداول 360 مليار رسالة قصيرة عبر شبكات النقال في 2002، وهو رقم يوضح بجلاء القيمة التي أصبحت تحظى بها خدمة الرسائل القصيرة في شبكة الجيل الثاني.
سعيد الغماز