في ظل ما تشهده منطقة وجان بإقليم تزنيت من تحديات، يبدو أن الصراع القائم لا يتعلق فقط بخلافات إدارية أو عقبات تنموية، بل يتجاوز ذلك إلى كونه تمريناً قانونياً وأخلاقياً لاختبار مدى صدق الأطراف المتورطة في هذه القضية.
فالحديث هنا لا يدور فقط عن مشاريع أو استثمارات، بل عن مبادئ راسخة تتعلق بالوطنية والصدق والالتزام بالقانون.
القانون هو الفاصل بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة.
في مجتمعاتنا الحديثة، لا يمكن للمصلحة العامة أن تتحقق إلا بوجود سيادة القانون.
القانون هو السقف الذي يعلو فوق الجميع، وهو المعيار الذي يحدد الصواب من الخطأ، والمصلحة العامة من المصالح الخاصة.
ومن هنا، يجب أن يكون الهدف الأول والأخير هو انتصار القانون، لأن في انتصاره انتصار للوطن والمواطن.
القضية المطروحة في وجان لا يمكن أن تنحصر في إطار ضيق من المنازعات الفردية، بل هي قضية كاشفة لما هو أعمق. إنها قضية اختبار للصدق والمصداقية، فمن يزعم الحرص على مصلحة الوطن والمواطن لا يمكنه أن يحقق تلك المصداقية في غياب الصدق. لا مصداقية بدون شفافية، ولا وطنية بدون قانون.
الصدق معيار الوطنية
إن الوطنية الحقة لا تقاس بالشعارات أو الكلمات المنمقة، بل تقاس بالصدق في التعامل مع القضايا التي تخص المواطن والوطن.
عندما نكون أمام مشكلات مثل تلك التي تواجهها وجان، يجب أن يظهر من هو حقاً يحمل الهم الوطني ويسعى بصدق لحلها، لا لمجرد المصلحة الشخصية أو الفوائد المؤقتة.
في هذا الإطار، تظهر أهمية النزاهة والشفافية كقيم جوهرية لا يمكن التخلي عنها.
فالصدق ليس فقط في الأقوال بل في الأفعال أيضاً. ومتى ما توافرت هذه القيم في الأطراف المعنية، فإن الطريق إلى الحل يصبح أقرب وأسهل.
من هو الغيور الحقيقي على الوطن؟
السؤال الذي يجب أن يطرح هنا هو: من هو الغيور الحقيقي على هذا الوطن؟ أهو من يرفع الشعارات البراقة ويتحدث باسم الوطنية دون أن يقدم أفعالاً حقيقية؟ أم هو من يلتزم بالقانون ويسعى إلى تحقيق مصلحة المواطن قبل مصلحته الشخصية؟
الجواب يجب أن يكون واضحاً: الغيور الحقيقي هو من يضع مصلحة الوطن والمواطن فوق أي اعتبار آخر.
إنه الشخص الذي لا يبحث عن الشهرة أو المكاسب الفردية، بل يسعى بكل ما أوتي من قوة لتحقيق العدالة والإنصاف، مستنداً في ذلك إلى القوانين والمعايير الأخلاقية.
القانون أولاً وأخيراً
إن حل أي مشكلة محلية، مثل تلك التي تواجهها وجان، يجب أن يستند إلى سيادة القانون والصدق في التعامل مع القضية.
فبدون القانون لا يمكن أن تتحقق العدالة، وبدون الصدق لا يمكن أن تبنى المصداقية.
وفي النهاية، سيبقى القانون هو الحكم الفاصل بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة، وسيكشف الزمن من هو الغيور الحقيقي على هذا الوطن ومن هو الذي يسعى لتحقيق مكاسب شخصية على حساب مصلحة المواطن.
هذا، و يجب أن نتذكر دائماً أن الوطنية ليست مجرد كلمة، بل هي فعل يتطلب التزاماً بالقيم والمبادئ التي تجعل الوطن والمواطن في صدارة الأولويات.
عبدالله بن عيسى لأكادير 24