قطط سوق الاحد بأكادير تطالب باللجوء السياسي‎

a 176 كُتّاب وآراء عزالدين الخراط

تملكتني هواجس الشفقة بين عشية وضحاها على القطط التي جائت بها صدف ماكرة لسوق الاحد بأكادير، لتؤثت فضاء تجاريا، القطط المسكينة التي جيئ بها، أو جائت بمحض إرادتها لتجد نفسها معتقلة في قفص الاتهام، والجنحة قد تبدو سخيفة لمن في قلبه كثير من حتى تكمن في اعتبار هذه القطط كائنات متجولة تجوب الشوارع والأزقة، وتعرض بضاعتها بين الناس، و تعرقل حركة السير والجولان قرب الأبواب السحرية لحبكة السوق، واستعاراته الحية، ويجمعها وفق تفاعلات درامية وشائج قربى مع فصيلة الباعة المتجولين، وكلاهما القطط والباعة مهددان بالانقراض ورعب الليبرالية المتوحشة.
ونزولا عند رغبة وزارة السياحة صار للسوق قطط سمينة تعبر عن الهوية الوجودية والحقوقية للقطط النحيفة والمغلوبة على أمرها، وترعى مصالحها الاستراتيجية، بل تجشمت هذه القطط السمان عناء السفر لعواصم مختلفة لتوقيع اتفاقيات مثمرة بين قطط هذه العواصم وقطط سوق الأحد الضعيفة، وقد بارك البريديون والباعة المتجولون هذه المبادرات الانسانية وتوسموا فيها الرخاء والنماء، لما فيه خير هذه الأمة التي أخرجت للناس.
احتد الجدل عن علاقة القطط بالباعة المتجولين، وتحولت العلاقة إلى سؤال فلسفي محير، يستدعي البحث عن ملائمة القوانين البيئية ومواثيق حقوق الانسان مع أوضاع هذه الفئات المهمشة، من الباعة والقطط، بل اقترح أحد التجار الحكماء بناء حديقة مسيجة تأوي الباعة المتجولين وتحتضن حلمهم الجماعي في حياة كريمة، سيرا على منوال الفلاسفة المشائين والشعراء التروبادور ورفاق عروة بن الورد والشنفرى، ورامبو الذي تحول من شاعر عظيم إلى تاجر متجول يمزج بضاعة الشعر ببضاعة بيع السلاح.
فرجات سوقية تطايرت أشلائها في عمق هذه المدينة التجارية الفاضلة، والتي ستعرف لأول مرة عمق علاقات الجوار والمصالحة السوريالية بين حديقة القطط وحديقة الباعة المتجولين، وقصة أشهر بوسطة في تاريخ الفرجة المغربية، وقد يكون الخاسر الاكبر حسب استطلاعات الرأي الأخيرة هو حارس المعبد الذي سيسقط في قبضة العدالة للمرة الألف بتهمة جديدة تنضاف إلى سجله الحافل بالقضايا المثيرة للجدل، وتتمثل في تهمة إجلاء القطط وتشتيت شملها وجعلها تبحث عن اللجوء السياسي بشروط انسانية خارج أسوار سوق الأحد.
تبا لهذه الحكايات العجيبة التي صنعت مجدا واهما لأبطال وهميين بدءا بالمالك الوهمي لأشهر بوسطة في المتخيل الشعبي المغربي وأشهر حديقة للقطط وللباعة المتجولين، ولعازف الكمان الذي فر من الصندوق العجيب ذات سهرة شهرزادية مقنعة. فسلام على الفرجة المغربية بكل ما تختزنه من مفارقات ميلودرامية، ومطاردات للساحرات، وتزجية الوقت في نسج الحكايات والأساطير تفتح شهية الأفعى لخلق الشقاق والنفاق وزبد يعلوه الكذب والبهتان.
عز الدين الخراط

التعاليق (0)

التعاليق مغلقة.