هجوم تندوف.. حين يتحول احتضان الجزائر للبوليساريو إلى خطر يهدد أمن المنطقة والعالم

أخبار وطنية

بقلم : أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

  • انفجار جديد في محيط تندوف يفضح واقع الفوضى الأمنية

أعاد الهجوم المسلح الذي استهدف عمال الشركة الصينية CRCC في محيط مدينة تندوف جنوب غرب الجزائر، إلى الواجهة مجدداً القلق المتصاعد بشأن هشاشة الوضع الأمني في المنطقة، التي تؤوي جبهة البوليساريو منذ عقود.
العملية التي أسفرت عن اختطاف عدد من العمال الصينيين العاملين في مشروع استغلال منجم غار جبيلات للحديد، تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن المنطقة أصبحت خارج السيطرة الفعلية للسلطات الجزائرية، وأن الجماعات المسلحة المتحالفة مع عناصر من البوليساريو تفرض واقعاً ميدانياً خطيراً.

  • تفاصيل العملية.. ثغرات أمنية تثير التساؤلات

وفقاً لمعطيات نشرها منتدى “فورساتين”، فقد نفذت العصابة المسلحة الهجوم في الطريق الرابطة بين ما يسمونه مخيم “الداخلة “والرابوني، قبل أن تتجه السيارة المسروقة نحو ما يسمونه مخيم “السمارة”، حيث سُمح لها بالدخول رغم وجود عدة نقاط تفتيش.
هذا المسار يثير شبهات قوية حول تورط عناصر من جبهة البوليساريو في تسهيل مرور المهاجمين أو التستر عليهم، وهو ما يطرح تساؤلات عميقة حول مدى نفوذ الجبهة داخل هذه المناطق المفترض أنها تحت سيادة الدولة الجزائرية.

  • من تنظيم انفصالي إلى كيان ذي طبيعة إرهابية

لم يعد ممكناً الحديث عن جبهة البوليساريو كحركة انفصالية ذات مطالب سياسية.
المعطيات الميدانية المتراكمة تثبت أن الجبهة تحولت إلى تنظيم مسلح يمارس أنشطة إرهابية تشمل التهريب، وتجارة السلاح، والخطف مقابل الفدية، في تنسيق متزايد مع شبكات الجريمة والإرهاب المنتشرة في الساحل الإفريقي.
هذا التحول يضع البوليساريو اليوم في خانة الكيانات الإرهابية العابرة للحدود، التي تهدد الأمن الإقليمي وتضرب استقرار دول شمال إفريقيا والمغرب العربي.

  • الجزائر تتحمل المسؤولية القانونية والسياسية

لا يمكن فصل ما يجري في تندوف عن السياسة الجزائرية في إيواء ودعم جبهة البوليساريو.
فالجزائر، بموجب القانون الدولي، تتحمل المسؤولية الكاملة عن كل ما يقع فوق أراضيها من أنشطة مسلحة أو إرهابية.
لكن الواقع يُظهر أن الجزائر منحت البوليساريو وضعاً استثنائياً خارج القانون، وجعلت من مخيمات تندوف مناطق مغلقة لا تخضع لأي رقابة فعلية، الأمر الذي سمح بتحولها إلى ملاذ للجريمة والإرهاب وتهريب البشر والسلاح.
إن هذا الوضع لا يشكل فقط إخلالاً بالتزامات الجزائر الدولية، بل يمثل تهديداً مباشراً لجيرانها وللأمن الإفريقي والأوروبي على حد سواء.

  • تهديد يمتد إلى أوروبا

لا يقتصر الخطر على حدود شمال إفريقيا.
فشبكات التهريب التي تنشط تحت مظلة البوليساريو أصبحت صلة وصل بين الساحل الإفريقي وأوروبا عبر طرق تهريب البشر والمخدرات والأسلحة.
تقارير استخباراتية أوروبية حديثة حذّرت من أن تندوف ومناطق البوليساريو باتت تمثل خطراً أمنياً مباشراً على الضفة الشمالية للمتوسط، نظراً لسهولة تسلل العناصر المتطرفة واستغلال الفوضى المنتشرة هناك.

  • المنتظم الدولي أمام اختبار المصداقية

المجتمع الدولي اليوم أمام مسؤولية تاريخية: إما أن يتعامل مع البوليساريو ككيان إرهابي يهدد السلم الإقليمي والدولي، أو أن يستمر في تجاهل الحقائق الميدانية التي تؤكد ضلوعه في أنشطة غير مشروعة.
إن صمت المنتظم الدولي وعدم محاسبة الجزائر على هذا الوضع يُعد تواطؤاً غير مباشر، ويقوض مصداقية المؤسسات الدولية التي يفترض أن تحمي الأمن والسلم العالميين.
المطلوب اليوم هو تحرك عاجل لإعادة تقييم وضع البوليساريو وتصنيفه ضمن التنظيمات الإرهابية، مع تحميل الجزائر المسؤولية السياسية والقانونية عن دعمها المستمر له.

  • خاتمة: تندوف.. القنبلة الموقوتة في خاصرة إفريقيا

ما يجري في تندوف لم يعد مجرد شأن داخلي جزائري، بل خطر إقليمي يهدد الأمن الجماعي لشمال إفريقيا وأوروبا.
فجبهة البوليساريو أثبتت أنها كيان إرهابي بكل المقاييس، والجزائر تتحمل تبعات احتضانها لهذا الكيان وتمكينه من العمل خارج القانون.
لقد آن الأوان لأن يتحرك المجتمع الدولي بحزم، ويضع حداً لهذا الوضع الشاذ الذي جعل من تندوف قنبلة موقوتة في خاصرة إفريقيا والبحر المتوسط.