هذا المقال من رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن توجه أكادير 24.

من طريق الوحدة إلى عيد الوحدة.. قصة ثورة ملوك.. وتضحيات أجيال

كُتّاب وآراء

هاهو أكتوبر..

هذا الشهر الإستثنائي من سنة 2025  الذي قرّر في الاخير ان لا يغادرنا إلا بعد أن برسّم آخر أيامه عيداً وطنيّاً لنا وللقادمين من هذا الزمن المغربي الصاعد وتحت اسم لا يخلوا بدوره من شاعريّة بادخة  ورمزية دافئة وبلاغة تقاطعت فيه حقائق الواقع والميدان مع تخيلّات المجاز والإستعارة..

نعم وحدتنا أصبح لها عيداً احتفاليّاَ..

وقبل العودة إلى سياقات التنزيل لا شك أن التاريخ أراد أن يذّكرنا نحن أبناء اليوم بأن قوة وطننا وعبر الزمن تكمن في وحدته وتلاحم أفراد شعبه مع قياداته ورموز سياداته.. لذلك ليس من الصدفة أن يبدأ هذا الاكتوبر المغربي بقلاقل اجتماعية ومشاهد عنيفة وبشعارات ذهبت حد المطالبة بالانقلاب على الدستور.. وينتهي بعيد وحدة الأمة قيادة وشعباً..

هي رمزيات.. وعلامات بل وكرامات  هذا البلد الأمين..

لذلك اعتبر هذا الترسيم ليوم 1 أكتوبر ابعد من سياقه السياسي الحالي نحو رمزية الوحدة كقاعدة صلبة ضد كل المناورات والدسائس التي تستهدف تلاحم وحدتنا تحت سقف الله الوطن الملك..

هو سقفنا اليوم..ونحن تحت ضغط مشاعر الفرحة باستكمال وحدتنا الوطنية بسند أممي يغلق هذا القوس الذي فتح يوم 6 نونبر 1975 عيد المسيرة الخضراء التي انطلقت مباشرة بعد سند أممي أيضا والصادر عن محكمة العدل الدولية..

هل هي صدفة ان يفتح قوس استرجاع اقاليمنا بقرار دولي تؤكد شرعيتنا التاريخية ويغلق بقرار أممي تأكيديّ بعد 50 سنة من  الصمود الوحدوي للأمة المغربية..

 ليس الأمر كذلك..بحيث ان اللحظة التاريخية هي نهاية سلسلة حلقات بلد مجروح بظلم الحاضر جراء  تكالب الاطماع الأجنبية على الإمبراطورية الشريفة وصرنا خلال هذه المدة نحارب بكل ايمان من أجل وحدتنا الترابية لمدة نصق قرن تقريبا بعدما خاض آباؤنا النصف الآخر ضد الاستعمار بشكله الثلاثي

 70 سنة ومن جيل لجيل ونحن في مواجهة هذا التكالب من جهة.. وتأخرات التنمية والديمقراطية من جهة ثانية.. حتّى إذا أطمأنّ هذا العدو لانهيارنا يكتشف أننا في كل مرّة لا نعمل إلاّ على إعادة ترتيب أوراقنا للسير نحو الإمام

بدأنا بمشروع شق طريق الوحدة يوم 6 يونيو 1957  بهدف ربط المنطقة الشمالية التي كانت تحت الحماية الإسبانية بالمنطقة الجنوبية الفرنسية.. بل هو ابعد من الربط الجغرافي نحو تجديد  صِلَةِ الوصْل الاجتماعي والإنساني  بين ساكنة المنطقتين.. وبروح تطوعية وسواعد 12 الف من شبيبة الوطن آنذاك يتقدّمهم المرحوم الحسن الثاني كولي العهد نفسه الذي ابدع كملك المسيرة الخضراء التطوعية لربط الشمال بالجنوب هذه المرة  وصلة الرحم مع إخواننا بالصحراء كما جاء في خطاب انطلاقة المسيرة بأكادير..

وأكاد أجزم بأن طريق تزنيت الداخلة جنوباً ما هو إلا امتداد تاريخي لطريق الوحدة تاونات كتامة.. بل  مشروع الوحدة الثاني، الأكبر والأوسع نحو قارتنا السمراء

 70 سنة عمر هذا المسار والمسير الذي لا يقاس بالزمن بل بتحدّيات هذا الزمن السيزيفي ومن أزمة إلى أخرى لا نخرج إلاّ  بقوة أكبر ومعارف أوسع وقدرات بناء إقتصادي في الاتجاه الأفضل..

وقائع كثيرة وأحداث تاريخية وذكاء سياسي ومعارك عسكرية وأجيال عديدة بصمت هذا الطريق نحو عيد الوحدة

70 سنة و بثلاث ملوك من  المغفور له محمد الخامس الذي بدأ مسيرة شق طريق الوحدة إلى محمد السادس الذي رسّم عيد وحدة المملكة من طنجة إلى الكويرة وبينهما المرحوم الحسن الثاني جسر الوسط بين العهدين..

هو مشهد لمشعل من يد إلى يد  بحكايات لا تنتهي..

وبرمزيات لا توصف بل تعاش بدأت بثورة الملك والشعب من أجل إعادة الشرعية للعرش العلوي وعودة محمد الخامس من المنفى وتجددت روح الثورة يوم 6 نونبر 75 وانتهت بعيد الوحدة المعبرة بشكل عميق عن نهاية أطول ملحمة تاريخية استثنائية لأمة استثنائية

عاشت أبشع احتلال ثلاثي بغطاء دولي.. وتعرضت أراضيه لظلم تاريخي..وبين استهداف رموز السيادة وبذور الفتنة وسط نسيجينا الإجتماعي وتعددنا اللغوي لا نخرج إلا ملتحمين أكثر في مسار هذا الطريق الذي نشقه بكل حب صوفي ووفاء صادق  لهذا الوطن..

نعم..

لوحدتنا الوطنية..

عيد رسميّ احتفاليّ باستكمال وحدة حدودنا

وتلاحم وحدة وجودنا داخل هذا الوطن…

وعلى وجه الخير لنا وللمحيط والإنسانية جمعاء

يوسف غريب كاتب صحفي