محمد السادس.. قائد الإنسانية وملك الأخلاق النبيلة: اليد الممدودة من جديد نحو الجزائر

أخبار وطنية

بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

في لحظة مفصلية من التاريخ السياسي الحديث للمغرب والمنطقة المغاربية، أطلّ جلالة الملك محمد السادس يوم 31 أكتوبر 2025 بخطاب ملكي سامٍ، حمل في طيّاته نبرة جديدة من الأمل والوحدة، حين جدد دعوته الصادقة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للحوار الأخوي، من أجل “تجاوز الخلافات وبناء علاقات جديدة، قائمة على الثقة وروابط الأخوة وحسن الجوار”.
دعوة بسيطة في كلماتها، لكنها عميقة في مضامينها، تجسد مبدأً ملكيًا ثابتًا منذ اعتلاء جلالته العرش: أن الأخوّة أسمى من الخلاف، وأن الأمل أقوى من الجفاء.

  • اليد الممدودة… مبدأ لا يتغير

منذ بداية التوترات بين الرباط والجزائر، ظل جلالة الملك محمد السادس ثابتًا على موقفه الإنساني النبيل، يمد يده في كل مناسبة نحو الجارة الشرقية، إيمانًا منه بأن الشعوب لا تفرّقها السياسات، وأن الجوار قدر مشترك لا يمكن محوه بخطابات أو حدود.
ففي كل خطاب، تتكرر الدعوة ذاتها بلغة سامية راقية، تُعبّر عن رجل دولة يملك من الحكمة ما يجعله يتعامل مع الخلافات لا بمنطق الانفعال، بل بمنطق البناء والاتزان والسمو الأخلاقي.
اليد الممدودة ليست ضعفًا، بل قوة الوعي ونضج القيادة، لأنها تصدر عن ملك منتصر في الميدان الدبلوماسي، لكنه لا يرى في الانتصار مدعاة للتعالي، بل مسؤولية مضاعفة نحو السلم الإقليمي.

  • ملك الأخلاق النبيلة والصفح الإنساني

في خطاب 31 أكتوبر، لم يكن جلالة الملك يخاطب فقط الرئيس الجزائري، بل خاطب الضمير الإنساني المشترك بين الشعبين. تحدث بلغة القلب قبل السياسة، بلغة الأمل قبل الشروط، في زمن يسوده الانقسام والقطيعة.
إنها لغة الملوك الكبار الذين يدركون أن الكرامة لا تتحقق بالخصومة، وأن المجد الحقيقي هو في القدرة على التسامح.
وهنا تتجلى شخصية محمد السادس: ملك إنساني متسامح، يحمل في قلبه محبة لشعوب المنطقة كلها، يربط بين الحكمة السياسية والخلق الرفيع، في مشهد نادر في السياسة المعاصرة.

  • منطق البناء بدل الخلاف

حين دعا جلالته إلى “بناء علاقات جديدة على أسس الثقة وروابط الأخوة وحسن الجوار”، فقد رسم ثلاثية ذهبية لنهج جديد في العلاقات المغاربية:

-الثقة: لأنها أساس أي مصالحة حقيقية، تتجاوز الشعارات نحو الفعل.
-الأخوة: لأنها الرابط الأعمق الذي يوحد الشعبين المغربي والجزائري.
-حسن الجوار: لأنه المبدأ الذي يجب أن يحكم علاقات الدول المتحضّرة الساعية للتكامل لا التنافر.
بهذا التصور، يحمل الملك مشروعًا حضاريًا مغاربيًا يهدف إلى تحويل الجغرافيا من ساحة تنافس إلى فضاء تعاون، ومن حدود مغلقة إلى جسور مفتوحة.

  • رؤية تتجاوز الخلاف إلى المستقبل

دعوة الملك للحوار لا تقتصر على العلاقة الثنائية، بل تمتد إلى إحياء الحلم المغاربي الكبير.
فمن خلال إشاراته إلى التعاون بين الدول الخمس، قدّم جلالته رؤية عميقة لمستقبل المنطقة، قائمة على التكامل الاقتصادي والأمني والثقافي، في مواجهة التحديات العالمية.
لقد كان الخطاب بمثابة خريطة طريق استراتيجية، تضع الجزائر في موقع الاختيار:
إما البقاء في دائرة الانغلاق، أو الانخراط في مشروع بناء مغاربي يعيد للأمة توازنها ووحدتها.

  • رسالة سامية إلى الإنسانية

سياسيًا، يمثل الخطاب رسالة طمأنة إلى المنتظم الدولي بأن المغرب يختار دائمًا لغة الحوار والتعاون.
وإنسانيًا، هو تجسيد لعظمة الملك محمد السادس كقائد عالمي يحمل قيم التسامح والسلام، ويؤمن بأن الشعوب لا تُبنى بالكراهية، بل بالمحبة والاحترام المتبادل.
خطابه يعلّم العالم أن الانتصار الحقيقي هو أن تبقى اليد ممدودة حتى في لحظة القوة.

  • خلاصة القول

إن “اليد الممدودة” التي جددها جلالة الملك ليست شعارًا سياسيًا، بل عقيدة ملكية راسخة تعبّر عن رؤية قائد استثنائي، يرى في المصالحة شجاعة، وفي التسامح بطولة، وفي حسن الجوار واجبًا دينيًا وإنسانيًا.
ملك المغرب لا يمد يده فقط إلى الجزائر، بل إلى كل من يؤمن بالسلام وبالعمل المشترك من أجل مستقبل مغاربي موحد.
محمد السادس، ملك
الإنسانية، وقائد الأخلاق
النبيلة، لا يكتب التاريخ
بالكلمات، بل بالمواقف.
وموقفه في 31 أكتوبر 2025 سيبقى علامة مضيئة في سجل القيادة الحكيمة التي تُعلي قيم التسامح فوق كل اعتبار.