متى أصبح الذئب راعياً؟ ومتى صار مشعل الحريق يرتدي بزة الإطفائي؟

أخبار وطنية

بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

يحدث فقط في كوكب السياسة في العالم الآخر أن تستيقظ ذات صباح لتجد الذئب جالساً بين الغنم، يربّت على رؤوسها بيدٍ ويمسح آثار أنيابه بالأخرى. يحدث فقط أن ترى راعي الفتن يوزّع دروساً في التسامح، ومهندس الانفصال يتظاهر بأنه أكبر دُعاة وحدة الشعوب.
نعم يا سادة… إنه النظام الجزائري الذي يحب أن يظهر أمام العالم وكأنه الأب الحنون التي يتدخل حيث “تشتعل النار”، رغم أن الجميع يعرف جيداً من يبيع أعواد الثقاب في الحي.

  • الجزائر… وسيطة أم “وسيطات”؟

ها هي الدبلوماسية الجزائرية تحتفي بدورها “المحوري” في اتفاق السلام بإثيوبيا، وتقدّم ممثلتها في الاتحاد الإفريقي كصانعة سلام توقف النزاعات بابتسامة دبلوماسية وبلاغ رسمي.
سنوات من الدم والتوتر، ثم يظهر النظام العسكري الجزائري فجأةً ليقول للعالم: “اطمئنوا، جئنا بالإصلاح”.
لكن الأنكى من ذلك…
أن هذا النظام في نفس اليوم الذي أدّى فيه دور “حمامة السلام” في أديس أبابا نهاراً، تحوّل عند المساء إلى صقر غاضب يصيح في وجه مدريد لأنها جددت دعمها للحكم الذاتي المغربي!
يا للصدفة العجيبة!
في الصباح: “نحن وسطاء الخير في إفريقيا”.
في المساء: “كيف تجرؤون على دعم حلّ أممي نرفضه؟”
وكأن البلاد تعمل بنظام المناوبة:
صباح دبلوماسية… مساء نزق سياسي.

  • اتصال مع السودان… ومقامات الواعظين

وزير الخارجية السوداني يشكر الجزائر على وقفتها “المشرفة”.
وبينما تستمع لهذا الشكر، تجد نفسك تتساءل:
أليس غريباً أن من يرفع شعار “وحدة الشعوب” في وادٍ بعيد، هو نفسه من يصرّ على تقسيم المواقف وتحريك الرمال في الجوار؟
الأب الحنون… الذي يطالب أولاده ألا يقتربوا من النار
الجزائر تُحب أن تُصدّر صورة الأب الذي يقول للعالم:
“لا تقلقوا، نحن صانعو السلام!”
بينما الجيران يهمسون:
“يا أخي… فقط توقف عن رمي أعواد الثقاب من النافذة، وبعدها نثق بسلامك!”

  • خلاصة المشهد

نحن أمام نموذج سياسي نادر:
يُصلح هنا… ويُفسد هناك.
يطفئ حريقاً بعيداً… ويشعل شرارةً قريبة.
يتحدث عن السلام في أديس أبابا… ويوبخ مدريد في المساء لأنها دعمت حلاً أممياً يعترف به العالم.
إنها نسخة متقدمة من “الدبلوماسية ثنائية الوجه”:
وجه يرتدي بدلة سلام، ووجه آخر يلوّح بعصا الاستفزاز الجيوسياسي.
وفي زمن المفارقات…
لن نتفاجأ إذا استيقظنا يوماً على خبر:
“ترشيح الجزائر لجائزة نوبل للسلام… واحتجاج الجيران على الضوضاء القادمة من مقر اللجنة”.