مصطفى وغزيف
في تشخيص دقيق لواقع القطاع الذي يمثل عصب الحياة الاقتصادية بالإقليم، أكد السيد محمد سالم الصبتي، عامل اشتوكة آيت باها، على المكانة الريادية التي يحتلها الإقليم فلاحيًا داخل جهة سوس ماسة، مشددًا على أن هذه الريادة، التي تترجم في قيمة مضافة عالية على مستوى الإنتاج والتصدير، وتوفير فرص الشغل، تواجه، اليوم، تحديات حقيقية تتطلب تدخلات عاجلة ومدروسة لضمان استدامتها.
جاء ذلك، خلال كلمته في أشغال المجلس الإداري للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لسوس ماسة، حيث قدم رؤية متكاملة للتحديات، داعياً إلى إطلاق حزمة من البرامج الاستراتيجية لمعالجتها.
الموارد الطبيعية والبنية التحتية: رهان الحكامة والاستدامة
في قلب التحديات التي استعرضها عامل الإقليم، تبرز إشكالية المحافظة على الموارد الطبيعية الهشة، وعلى رأسها الموارد المائية في حوض اشتوكة. ودعا العامل الصبتي إلى ضرورة إطلاق برامج محكمة تهدف إلى الاقتصاد في استعمال مياه الري، مشددًا على أن الرهان على الحكامة الجيدة في كل مراحل الإنتاج والاستغلال لم يعد خيارًا، بل ضرورة قصوى.
وبموازاة ذلك، ألح عامل الإقليم على الأهمية البالغة لتأهيل وتعزيز البنيات التحتية، خصوصًا الشبكة الطرقية داخل المناطق المسقية التي تشهد ضغطًا متزايدًا وحركة مكتفة للشاحنات ذات الحمولات الكبيرة. وأشار إلى أن الأضرار التي لحقت بهذه المحاور الحيوية تستدعي إطلاق برامج قطاعية عاجلة لتعزيز العرض الطرقي، بما يواكب الدينامية الفلاحية المتسارعة التي يعرفها الإقليم.
البعد الاجتماعي والبيئي: نحو منظومة متكاملة
لم يغفل المسؤول الترابي عن التداعيات الاجتماعية والبيئية لهذه الحركية الاقتصادية الكبيرة. فقد تطرق إلى الوضعية التي أفرزها كون الإقليم المشغل الأول لليد العاملة الوافدة من مختلف جهات المملكة وخارجها، وما يطرحه ذلك من تحديات اجتماعية. وفي هذا الإطار، شدد على الضرورة الملحة لتطوير منظومة نقل العمال الزراعيين لضمان تنقلهم في ظروف آمنة تحفظ سلامتهم وكرامتهم الإنسانية، معلنًا عن تهيئة 7 مواقع لتجميع العمال في جماعات بيوكرى، آيت اعميرة، سيدي بيبي، وبلفاع، كخطوة أولى ضمن مبادرات أخرى للنهوض بهذا الجانب الاجتماعي الحيوي.
بيئيًا، دق عامل الإقليم ناقوس الخطر بشأن إشكالية تدبير النفايات الفلاحية التي أضحت تشكل تهديدًا حقيقيًا للمنظومة البيئية. ودعا إلى إطلاق مبادرات عملية لتثمين ومعالجة هذه النفايات، مع التأكيد على أهمية الإسراع في إنجاز دراسات تقنية متخصصة لوضع حلول جذرية لهذه المعضلة.
العدالة المجالية: الفلاحة الجبلية في صلب الاهتمامات
وامتدت رؤية السيد العامل لتشمل المناطق الجبلية بالإقليم، التي كانت حاضرة بقوة في كلمته، حيث دعا مصالح قطاع الفلاحة إلى إطلاق برامج مخصصة للنهوض بالقطاع الفلاحي في هذه الربوع التي تعاني من الهشاشة وتراجع نسيجها الديموغرافي. وركز على ضرورة إعادة الروح لمنظومة الإنتاج المعيشي عبر مشاريع لإصلاح المدرجات الزراعية، ودعم سلاسل الإنتاج الواعدة كالأركان، والنباتات الطبية والعطرية، وتربية النحل، بالإضافة إلى دعم الاقتصاد التضامني وتأهيل القطاع التعاوني.
وفي ختام كلمته، شدد السيد العامل على ضرورة الانكباب الجاد على معالجة إشكاليات الوعاء العقاري والإكراهات التي يطرحها الترحال الرعوي.
لقد قدمت هذه المداخلة، التي تفاعل معها الحضور باهتمام كبير، تشخيصًا واقعيًا لقطاع يسير بسرعة فائقة، خالقًا دينامية اقتصادية واجتماعية كبرى، لكنه في الوقت نفسه يفرض ضغطًا هائلاً على الموارد والبنيات التحتية والمنظومة البيئية، مما يستدعي تضافر جهود كافة المتدخلين لتنزيل برامج قطاعية متكاملة، تضمن الحفاظ على استدامة اشتوكة آيت باها كخزان فلاحي استراتيجي.
التعاليق (0)