هذا المقال من رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن توجه أكادير 24.

” لقد خسرنا قضية الصحراء وإلى الأبد”

كُتّاب وآراء

” لقد خسرنا قضية الصحراء وإلى الأبد”

هي جملة الختم لمقال مطول بجريدة الخبر الجزائرية أقوى الأصوات الإعلامية هناك.. بل فات تأثيرها حتى وكالة الأنباء بهذا البلد.. درجة ان مقالات مجلة الجيش الشهرية ماهي إلا تجميع للمنشورات اليومية لهذه الجريدة وبنفس الأقلام في غالبية الأحيان.. مستثمراً هذا التقديم بغية إبراز مكانة هذا المنبر ومصداقيته وسط الرأي العام السياسي والأمني داخل الجزائر مؤكداً بأن الجملة ( خسرنا قضية الصحراء وإلى الأبد)  لن تنشر بدون تأشيرة العسكر.. بل نشرت داخل مقال تبريري لهذا الخسران مباشرة بعد فشل آخر محاولات العسكر الجزائري الذي دعا لجلسة استثنائية ليوم الخميس بهدف تعديل مسودة مشروع القرار الأممي حول قضيتنا الوطنية.. والغريب ان صاحب مقال ( الخسارة الأبدية) كتب قبل يومين بنفس الجريدة مقالا تحت عنوان (  الحكم الذاتي زوبعة في فنجان)..

وهذه الخلاصة  ما هي إلا نقطة نهاية لنفس انهزامي متسارع طيلة هذا الأسبوع الأخير كماهو حال السيد عطاف الوزير المتسوّل على أعتاب قصر الكرملين لانتزاع حق الفيتو الروسي.. أو قمة اليأس والإحباط عند شيات النظام العسكري بن قرينة الذي دعا شبابنا إلى محاصرة القصر الملكي قبل شهر.. جاء قبل يومين يقول وبالحرف

( أنا عبد القادر بن قرينة لم اعش طيلة حياتي أزمة مثل هاته التي تمر به بلادنا…ووو)

ولا يختلف الأمر عند معارضي النظام الذي صرح أحدهم وعلى الهواء مباشرة كجواب على القرار الأممي المرتقب لصالح قضيتنا قائلاً

(  رغم اختلافي الجدري مع النظام السياسي.. فأنا حزين جدا اليوم على ضياع قضية الصحراء بعد 59 سنة من الكفاح من أجلها)

وأبلغ ما قيل خلال هذا الاسبوع الأسود بالجزائر ما جاء على لسان وزير التجارة سابقا و مؤسس “حزب التجديد” الجزائري

(  الرباط حسمت قضية الصحراء لصالحها و أن ما بقي بين يدي قيادتنا الصحراوية ليس خيارا بين الحكم الذاتي و الاستقلال، بل هو خيار بين الحكم الذاتي أو قوائم الإرهاب، و بين المشروع المغربي و اللاشيئ)

هي لقطات مشهدية بكائية للمشهد العام هناك بمنطق الربح والخسارة عند البعض اوبصوت الهزيمة أمام العدو الكلاسيكي عند أغلبية الأبواق مغلفة ذلك بسردية التطبيع وخبث فرنسا والإمارات وغيرها من نظرية استهداف وحدة الجزائر استحضار الصحراء الشرقية بقوة خلال هذا الاسبوع..

هي حالة النظام الجزائري بعد 50 سنة من العداء.. الذي بدأ بجملة المقبور هواري بومدين لاحد المؤسسين للبوليزاريو :

 (سأضع حجرة في حذاء المغرب)

أين هي الحجرة الآن…؟!

لا أقول ذلك بمنطق اننا انتصرنا على الجزائر.. أبداً

بل نحن في معركة مسلسل استكمال وحدتنا الترابية ومن جيل لجيل.. تلك العملية التي بدأت بالتدرج ومنذ خمسينات القرن الماضي وبهذا التأخر إلى  اليوم لأن طبيعة ما تعرضت له بلادنا من استهداف لقوى الإحتلال استثنائي وفريد بين منطقة دولية بطنجة والشمال والجنوب اسباني وبينهما احتلال فرنسي.. فرغم هذه المدة لم تمت شعلة النضال من أجل حقوقنا المشروعة آخرها بداية المسيرة الخضراء 75 بعد سيدي إفني 68 

لنصل إلى هذه الجمعة المباركة للاحتفال بإغلاق هذا القوس بتغيير الوضع القانوني لصحرائنا بسَنَدٍ أُممي، كصاحب السيادة على جزء من أراضيه وهو ما ذهبت إليه جريدة رويرتز الأمريكية هذا الصباح..

لنقول بإن هذه المعركة لم تبدأ اليوم  او البارحة وبهذا الزخم الدولي والإحتضان الأممي لمقترحنا كحل للنزاع… بل الفضل لصمودنا كمغاربة طيلة هذه المدة ولقاداتنا الذين دبروا مختلف المراحل بكل ذكاء وحنكة وصرامة..

كما معزولين في فترات.. ووحيدين في لحظات عديدة..فقراء في الموارد والامكانيات.. اغنياء في العزيمة والصمود لمئات الشهداء الذين عبدوا لنا الطريق بدمائهم الزكية.. أمام ترسانة المعسكر الشيوعي وأموال القدافي مع التغطية السياسية والإعلامية للمنظمات اليسارية وغيرها.. لم تكن فرنسا ولا إسرائيل ولا أمريكا ذاك الوقت..

كنا وحدنا نواجه العالم.. إلا دولتين على أقل تقدير كالسعودية… وقبلنا التقسيم مكرهين في سياقه وكان للبيت رب يحميه بعد أن غدروا بنا.. ثم جاء الإستفتاء.. وغادرنا القارة الإفريقية بعد أن تكالب علينا الجميع

أين كانت أمريكا وفرنسا وإسرائيل

كنا وحدنا.. من اب إلى الابن والحفيد اليوم.. والآتون من المستقبل..

واليوم وفي اللحظة.. وبصوت عال لا فضل لاحد علينا في هذا الإنجاز التاريخي لقضيتتا الوطنية بمنطق كيف كنّا وكيف صرنا والحمد لله على توفيقه ورعايته في تجاوز كل المناورات والدسائس بطابعها الدولي أحيانا

( هل نسينا يوم وصفنا بان كيمون  بالبلد المحتل وسط مخيمات تيندوف) ووو

علينا أن نفتخر بأن روح ملحمة ثورة الملك والشعب هي من غيرت المعادلة انتقلنا  وبذكاء من صوت التاريخ في عهد المرحوم الحسن الثاني إلى صمت الجغرافيا في عهد وريثه عاهل البلاد محمد السادس شفاه الله وعافاه وبأسلوب لا أجد غير هذا المثل الصيني ترجمة له :

(  من يريد أن يُحرّك الجبل عليه أن يبدأ أولا بحمل الحجارة الصغيرة)

بدأنا بإفريقيا.. وبالدول الصغيرة.. وعدنا إلى منظمتها بعد خطاب الخليج المفصلي.. بعدها أروبا اسيا أمريكا الاثينية.. حتى صنعنا الجبل اليوم وداخل مجلس الأمن   بإقناع دول الفيثو للتصويت لصالحنا.. بل وحتى عدم استعماله لإسقاط القرار هو انتصار..

هو الجبل اليوم في تنمية الصحراء وبمجلس الأمن.. وعبر العالم لا تباع خمس سيارات إلا واحدة مصنوعة بالمغرب كما صرح بذلك رئيس مجموعة رونو..

هو الجبل المغربي اليوم يقف شامخاً بسند أممي يعلن ان نزاع الصحراء لم يعد قضية تصفية الاستعمار.. ويسقط صفة التحرير والتحرر عن جبهة البوليزاريو مما يجمد مباشرة الجناح العسكري هناك تمهيدا لإدراجها كحركة سلمية لحظة المفاوضات على تفاصيل المقترح الذاتي.. وهذا هو المأمول بسقف ستة أشهر الأولى كما في مسودة القرار . وعكس ذلك هو التصنيف داخل خانة الإرهاب.. وإياك أعني يا راس النظام العسكري بالجزائر.. وأجدنى متفائلاً بأن الزيارات إلى كانوسا المغرب ستننطلق عما قريب…

وإذ  نحتفل بهذا اليوم.. علينا أن نجدد الرحمات على أرواح شهدائنا الذين تركناهم في هذا المسار الشاق والطويل..

أن نشكر كل الأطر  المغربية الأولى ومن مختلف الوزارات الذين التحقوا بالعمل هناك زمن الخوف وقلة الإمكانيات..

إلى إخواننا الصحراويين المرابطين هناك مؤمنين بمغربيتهم صامدين أمام كل الإغراءات والتهديدات

إلى كل آبائنا وأجدادنا الذين قطعوا من كسر خبرهم وعرق جبينهم من أجل تعزيز وجود قواتنا المسلحة على الحدود وفي لحظات عصيبة.. حتى وصلنا إلى السكتة القلبية.. فتجددت الشرايين واشرأبت العروق كما في عرف دولة تمتدّ جذورها بعمق 12 قرن أو ما قبل ذلك..

هنيئا لنا جميعا كأمة مغربية تجسّر الانتصارات بين الأجيال…

أما الجيران فبيننا وبينهم قوله تعالى :

( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيديك الخير إنك على كل شيء قدير)

صدق الله العظيم

يوسف غريب كاتب صحفي