في عصرنا الحالي، أصبحت المعلومات تنتشر بسرعة البرق بفضل وسائل التواصل الإجتماعي والتكنولوجيا الحديثة.
هذا التطور جعل من الصعب جدًا لأي مسؤول أن يدلي بتصريحات غير دقيقة أو مبالغ فيها دون أن يتعرض للتدقيق والانتقاد الفوري من قبل الجمهور والإعلام.
مع ذلك، شهدنا حالات شادة و مثيرة للجدل حيث يخرج مسؤولون بتصريحات غير موثوقة، كما حدث مؤخرًا مع وزير السياحة الجزائري مختار ديدوش.
ففي تصريح مثير للدهشة، أكد وزير السياحة الجزائري مختار ديدوش أن الجزائر استقبلت أكثر من 300 مليون و300 ألف سائح، وهو رقم يتجاوز بكثير ما يمكن أن يستوعبه الواقع والمنطق.
هذه التصريحات جاءت في وقت يعرف فيه الجميع أن فرنسا تتصدر قائمة الدول الأكثر استقبالًا للسياح بحوالي 82 مليون سائح سنويًا، هذا التفاوت الكبير أثار العديد من التساؤلات والانتقادات حول دقة وأمانة الأرقام المعلنة من قبل الوزير الجزائري .
عندما يدلي مسؤول حكومي بتصريحات غير دقيقة أو مبالغ فيها، يتسبب ذلك في فقدان الثقة بين الحكومة والمواطنين، الثقة هي حجر الزاوية في أي علاقة بين الشعب والحكومة، وأي تصدع فيها يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة على المستوى الاجتماعي والسياسي.
في زمن وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل جدًا اكتشاف أي مغالطات أو أكاذيب.
هذا، وبعد تصريحات ديدوش، انتشرت الانتقادات بسرعة كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، مما أضر بصورة الحكومة الجزائرية بشكل عام ووزارة السياحة بشكل خاص.
تصريحات مثل تلك التي أدلى بها ديدوش يمكن أن تؤثر سلبًا على قطاع السياحة نفسه، السياح والمستثمرون يبحثون عن وجهات مستقرة وموثوقة، وأي إشارات إلى عدم الشفافية أو التلاعب بالأرقام يمكن أن تردعهم عن اختيار الجزائر كوجهة سياحية أو استثمارية.
نعم، قد يكون الوزير تحت الضغط لتحقيق أهداف غير واقعية تم تحديدها من قبل الحكومة أو مؤسسات أخرى، في مثل هذه الحالات، يلجأ البعض إلى تضخيم الأرقام لتبدو النتائج أكثر إيجابية مما هي عليه في الواقع.
كما أن بعض المسؤولين قد يلجأون إلى تضخيم الأرقام في محاولة لتحسين صورة البلاد أو القطاع الذي يشرفون عليه، خاصة في المحافل الدولية.
في هذا السياق، يلعب الإعلام دورًا حيويًا في التحقق من المعلومات وتقديم الحقائق للجمهور، فالإعلام المهني والمتوازن يمكنه أن يكشف مثل هذه المغالطات ويضعها في إطارها الصحيح، مما يساهم في تعزيز الشفافية والمساءلة.
وفي الختام على الحكومة الجزائرية أن تعلم أننا في عالم أصبح فيه الوصول إلى المعلومات أمرًا يسيرًا، ولهذا يتعين عليها توخي الحذر والدقة في تصريحات مسؤوليها .
الشفافية والمصداقية هما الأساس لبناء الثقة بين الحكومة والمواطنين، وأي انحراف عن هذا النهج يمكن أن يؤدي إلى تداعيات سلبية على مختلف الأصعدة. حالة وزير السياحة الجزائري مختار ديدوش هي مثال حي بخصوص كيف يمكن لتصريحات غير دقيقة أن تثير جدلًا واسعًا وتلقي بظلالها على صورة الحكومة بأكملها.
عبدالله بن عيسى لأكادير 24
التعاليق (0)