هذا المقال من رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن توجه جريدة أكادير24 بأي شكل من الأشكال.

عندما يمشي رئيس الجماعة مع السكان في مسيرة آيت بوكماز لفتح طريق التنمية

كُتّاب وآراء

agadir24 – أكادير24

سيرا على الأقدام، يتقدمهم رئيس الجماعة المنتخب، يواصلون الليل بالنهار، يتحدون بعزيمة وإصرار، رجالا ونساء وأطفالا، التضاريس الجبلية الوعرة، يواجهون درجات حرارة مرتفعة، قطعوا الوديان والسفوح، ليبصموا على ملحمة تنموية، مصداقا للشعار الذي أبدعه تقرير النموذج التنموي “تحرير الطاقات”.

إن أول ما يستدعي للاهتمام قبل مطالب مسيرة الكرامة، هو وجود رئيس الجماعة في مقدمة المسيرة. علما أنه برلماني سابق عن المنطقة. رئيس الجماعة، بعد أن أعيته المرافعات، والكتابات، والاجتماعات، تحول إلى مواطن من سكان آيت بوكماز، وخرج مع الساكنة ليس للاحتجاج، ولكن ليقول للدولة نحن أبنائك نأتي إليك عوض أن يأتي أصحاب القرار إلينا.

إنها صرخة في وجه من يتلاعب في حق الجميع من البرامج التنموية، ومن يجعل المشاريع محاطة بسياج الحزبية والولاء السياسي، بدل فتحها في وجه المواطنين على قدم المساوات. فقبل الانتماء الحزبي والميولات السياسية، هناك الانتماء للوطن، وهناك الحق في المواطنة.  

في زمن ولاية “تستاهلوا الأحسن”، ترسخت في ذهن المواطن، صورة المنتخب الموزعة بين المتابعات والإعفاءات والعزل والسجن والإدانات. حتى طلع علينا رئيس جماعة من جبال آيت بوكماز، يسير على قدميه كما هو حال أبناء منطقته، يسري عليه ما يسري على من انتخبوه. إنه درس في المواطنة وفي حقوق الناخب على المنتخب.

شعار “تستاهلوا الأحسن” لم يبق وحيدا بل فرَّخ شعارات فرعية، وأصبح لديه أبناء بتسميات مختلفة، فالمنتخب إما متابع أو معزول أو مسجون أو في حالة تضارب المصالح أو عليه شبهات. لكن أيت بوكماز، فرَّخت نوعا أخر من المنتخبين اسمه رئيس يسير على الأقدام لفتح طريق التنمية في جماعته.

كل هذا الجهد والعناء، من أجل مطالب تعتبر بسيطة في قاموس المدن الكبرى، لكنها هي الحياة وهي الكرامة بالنسبة لمنطقة اسمها “آيت بوكماز”. كل ما يطالبون به هو إصلاح الطريق الجهوية لفك العزلة عنهم، توفير طبيب قار ومركز صحي مجهز، إحداث مدرسة جماعاتية، بناء سدود تلية لحماية المنطقة من الفيضانات، إحداث مركز للتكوين المهني لفائدة شباب المنطقة، ملعب للقرب، توفير وسائل النقل المدرسي لمعالجة الهدر المدرسي، توفير تغطية الهاتف والأنترنيت لتمكين أبنائهم من الدراسة عن بعد.

كل تلك المطالب تحدَّث عنها النموذج التنموي الجديد، وتحدَّث عن معالجة الفوارق المجالية، والتوزيع العادل للتنمية. لكن يبدو أن شعار النموذج التنموي “تحرير الطاقات” تحول من تحرير طاقات البناء والتنمية، إلى تحرير طاقات المطالبة بالتوزيع العادل للتنمية، وطاقات البحث عن الحق في التنمية ولو بالمشي نحوها سيرا على الأقدام.       

      سعيد الغماز-كاتب وباحث