زلزال في “ديسكورد”: اختفاء غامض لمجموعة “جيل زاد 212” المركزية يقلب الطاولة في احتجاجات المغرب

مجتمع

في تطور دراماتيكي يلاحق الأحداث المتسارعة في الساحة المغربية منذ انطلاق احتجاجات “جيل زاد 212” الشبابية، شهد تطبيق “ديسكورد” – الساحة الرقمية الرئيسية للحركة – اختفاء مفاجئاً وكاملاً للمجموعة المركزية التي كانت تمثل القلب النابض للتنسيق والتعبئة بين آلاف الشباب المشاركين.
هذه المجموعة، التي كانت تضم قنوات فرعية منظمة بأسماء المدن المغربية لتنظيم التحركات الميدانية والوقفات الاحتجاجية، تبخرت فجأة دون سابق إنذار، مُثيرة عاصفة من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا التوقف الغامض.
لم يمر هذا الاختفاء الصادم مرور الكرام، فسرعان ما لوحظ تعويض المجموعة المفقودة بأخرى جديدة تحمل اسم “معلومات المعتقلين”. هذا التحول يعكس نقلة نوعية في طبيعة النشاط الرقمي للحركة؛ إذ تحولت النقاشات داخل القنوات الفرعية الجديدة من التخطيط الميداني إلى توثيق ومتابعة المعطيات المتعلقة بالأشخاص الذين يُعتقد أنهم اعتُقلوا خلال الموجة الأخيرة من الاحتجاجات. هذا التحول من “التعبئة” إلى “التوثيق الحقوقي” يشير إلى دخول “جيل زاد 212” مرحلة جديدة بعد المواجهات التي شهدتها عدة مدن بين المتظاهرين وقوات الأمن، وبعد إعلان الحركة تعليق احتجاجاتها مؤقتاً لما وصفته بـ “الاستراحة التنظيمية”.

ترك الاختفاء الغامض للمجموعة الأصلية المتتبعين في حيرة، حيث تباينت التحليلات بين فرضيتين رئيسيتين:

إجراء أمني/إداري: رجحت مصادر أن يكون التوقف نتيجة إغلاق إداري من إدارة تطبيق “ديسكورد” نفسه بعد تلقيها بلاغات متعددة، خاصة أن المحتوى المرتبط بالتعبئة الميدانية قد يُصنّف ضمن الأنشطة الحساسة التي تخضع للمراقبة.

قرار داخلي وقائي: رأى آخرون أن المشرفين على المجموعات قرروا حذفها طوعاً، خاصة بعد توقيف بعض الشباب المنسوبة إليهم مسؤوليات في التنظيم، وذلك خوفاً من الاختراق والتتبع الأمني الذي قد يكشف هويات الأعضاء الآخرين والقيادة المجهولة للحركة.

يأتي هذا التطور في وقت ما تزال فيه الأوضاع مشحونة في عدد من المدن المغربية، مع استمرار تداعيات الاحتجاجات المطالبة بالإصلاحات في قطاعات التعليم والصحة ومحاربة الفساد. ورغم التعبير الحكومي عن الاستعداد للحوار، يؤكد نشطاء “جيل زاد” عبر قنوات بديلة استمرارهم في الترافع الرقمي حتى تحقيق مطالبهم.

يرى مراقبون أن انتقال النشاط إلى رصد وتوثيق الاعتقالات يمثل مرحلة جديدة تمنح الحركة طابعاً حقوقياً أكثر منه احتجاجياً صرفاً. كما أن اختفاء القاعدة المركزية على “ديسكورد” قد يفتح الباب أمام احتمالين: إما تشتت القواعد الرقمية، أو الأرجح، ظهور مجموعات بديلة أكثر سرية واحترافية لإعادة تنظيم الصفوف، مما قد يجعل “جيل زاد 212” أكثر تخفياً وتأثيراً في المرحلة القادمة.