رجّح مهنيون في سلسلة زيت الزيتون بالمغرب، بينهم فلاحون وأرباب معاصر ومنتجون من إقليمي الحوز وقلعة السراغنة، أن تسجّل أسعار زيت الزيتون خلال الموسم الراهن انخفاضًا واضحًا مقارنة بالموسم الماضي، الذي عرفت خلاله السوق قفزة غير مسبوقة في الأثمنة انعكست مباشرة على حجم الطلبيات والاستهلاك.
ويستند هذا التقدير إلى مفارقة رئيسية شهدتها السنة الفارطة: محدودية الإنتاج بسبب الجفاف الحاد؛ إذ لم يتجاوز الإنتاج الوطني من الزيتون نحو 900 ألف طن، أي انخفاض بأكثر من 40% مقارنة بسنة «عادية»، فيما قفز ثمن الكيلوغرام من الزيتون إلى أكثر من 15 درهمًا بدلًا من متوسط 8 دراهم في المواسم المعتادة. وعلى مستوى التحويل، لم يتعدَّ إنتاج زيت الزيتون العام الماضي 90 ألف طن، أقل بحوالي 50 ألف طن من المعدل السنوي، ما ضيّق العرض ورفع الأسعار إلى مستويات قياسية.
ومع تحسّن نسبي لعوامل الإنتاج في عدد من الأحواض وعودة جزء من المردودية، يتوقع المهنيون أن ينعكس ذلك نزولًا في الأسعار داخل السوق الوطنية. غير أنّ الفاعلين يحذّرون من الإفراط في التفاؤل؛ إذ تبقى الأسعار رهينة بحجم المحصول النهائي ونسب العصر وجودة الثمار وكلفة اليد العاملة والطاقة والنقل، إلى جانب وضعية المخزون وسلوك الطلب داخليًا وخارجيًا.
وقال مصدر مسؤول بإحدى الفيدراليات الجهوية لمنتجي الزيتون بجهة مراكش–آسفي إن اتجاه الأسعار نحو الانخفاض «مرجّح»، لكنه اعتبر أن تقديم سعرٍ تقديريّ الآن سابق لأوانه، لأن السوق لم تبلغ بعد ذروة الجني والعصر، الممتدة شهرًا كاملًا، وهي الفترة التي تحمل عادة متغيرات مفاجئة قد تؤثر مباشرة على الكلفة وعلى منحنى الأسعار.
وفي ما يتصل بالسياسة التجارية، انتقد المصدر استمرار إعفاء واردات زيت الزيتون من الرسوم حتى دجنبر المقبل، واصفًا الإجراء بـ«غير المنطقي» في المرحلة الحالية، لكنه استدرك بأن الزيت المستورد «لن يستطيع الصمود» أمام السعر التنافسي للمنتوج الوطني متى دخل المحصول المحلي الأسواق بكميات معتبرة، خاصة مع انحسار فجوة العرض التي ميّزت العام الماضي.
ولفت مهنيون إلى أن شفافية قنوات التسويق وتفعيل آليات المراقبة والجودة وتيسير ولوج المنتجين للتمويل الصغير ستظل عناصر حاسمة لتصحيح التشوّهات السعرية وحماية المستهلك، بالتوازي مع مواصلة إجراءات ترشيد مياه السقي والرفع من نجاعة العصر، حتى لا تتكرر اختناقات الموسم المنصرم.