فجأة وبدون سابق إعلان ظهر على الساحة السياسية والإعلامية الرجل الثاني بعد القدافي..وتحديدا الوجه الثاني البشع لنظامه تحت اسم عبد السلام جلود الذي استضافته قبل يومين قناة فرانس 24 بمناسبة صدور كتابته : الملحمة.. بعد سبع أشهر تقريبا من صدوره يناير 2022.
منذ تلك اللحظة والإعلام الجزائري تلفزة وجرائد لم تتوقف في الحديث عن هذه الملحمة وخاصة الفصل المتعلق بالمغربي العربي وحديثه عن أقاليمنا الجنوبية..
وقبل التفصيل في هذه النقطة كان لابدّ من العودة إلى قراءة هذه الملحمة الموجودة رهن إشارة القراء عبر النيت.. كلفتني 450 صفحة من حجم المتوسط تقريباً ثماني ساعات متقطعة استنتجتُ اننا أمام ذكريات رجل قد بلغ من الكبر عتيّا ومن الخرف عُليّاً كعوامل ساهمت في تقديم نفسه كبطل ملحمي.. ومناضل اسطوري موجود في كل الأمكنة وشاهد على كل الأحداث.. ومفكك لكل الألغاز.. عاصر العظماء وقاوم الجبناء. وقاد الإنقلاب.. و انتصر في كل المعارك..
هذا هو عبد السلام جلود في ملحمته.. بين الإنسان وفوق الاسطورة يفقد القارئ منطق الفهم والاستيعاب بل ومصداقية معطياته وصحة رواياته حول مختلف الأحداث التي وقعت مطلع سبعبنيات القرن الماضي إلى نهاية 2011 وخاصة ما يتعلق بالمغرب وعلاقته مع نظام القدافي بداية ثورة الفاتح
جاء في ذكريات هذا البطل الخرافي ما يلي :
( أما الدور الأبرز الذي مارسته ليبيا على الصعيد المغاربي، فيبقى في دعمها انقلاب الصخيرات الذي وقع في المغرب عام 1971، في إطار مساعيها لإسقاط نظام الملك الحسن الثاني، باعتباره نظامًا رجعيًا إقطاعيًا.)
كان ذلك في سنة 1971.. ليعود بعد سنة فقط ويتذكر مايلي :
( أنه حينما تم الإعلان عن تأسيس جبهة البوليساريو في 1972 بحضور الرئيس الجزائري هواري بومدين: “ذهبت إلى المغرب لمقابلة الحسن الثاني ودعوته لدعم البوليساريو لتحقيق استقلال الصحراء الغربية من الاستعمار الإسباني، ولكن الحسن الثاني قال لي أنا أعيش في حقل من الألغام في بلدي وعندي من المشاكل ما يكفيني والصحراء الغربية لا تعنيني وهي ليست مغربية حتى ادافع عنها)
بمنطق الإنسان البسيط مثلي أتساءل كيف يمكن أن تملك الجرأة والشجاعة للذهاب إلى المغرب ومقابلة المرحوم الحسن الثاني وأنت قد خرجت توّاً من محاولة تدبير الإنقلاب عليه..
وكيف حصلت لديك قناعة بأنك لن تتعرض لأي أذى من طرف نظام تعتبره عدوّاً تعمل جاهداً للقضاء عليه..
ولانك لست بطلاً اسطوريا وخرافيا كابطال الملاحم الإغريقية.. فأنت في هذه الرواية المجانبة للحقيقة تنافس سليمة الكذّاب في لقبه التاريخي..
أو تكون هذه الخرافة هدية للذين أرادوا إعادتك إلى المشهد الليبي كرجل المرحلة وعبر دبابات العسكر الجزائري.. وقد بدأت بالفعل الآلية الإعلامية هناكد بتبييض تاريخك الدموي الذي نسيته في هذه الملحمة
ولا بأس أن نذكرك به وانت تشرف بشكل دموي على أجرأة ما جاء في خطاب زعميك القدافي اتجاه معارضة الخارج او ما يسمى ( بالكلاب الضالة) من 1975 إلى نهاية التسعينات
( سنقتلهم. وسنسبي نساءهم. ونيتّم اطفالهم. ونرمّل زوجاتهم)
لقد أشرفت على هذا البرنامج الإجرامي وكنت بالفعل بطلا خارقاً في سرعة التنفيذ.. ولن تستطيع أية جهة ان تمحو ذلك من ذاكرة الشعب الليبي.. أبداً.
هو الفصل الوحيد الذي غاب في ذكرياتك واذّكر بعد مدّة ان الصحراء ليست مغربية دون أن يتذكر ان المغرب طالب بتصفية الإستعمار بأقاليمنا الجنوبية بدءاً بطرفاية.. سيدي افني..
طالب بذلك قبل وصولك إلى مركز القرار بليبيا..
والأكثر من ذلك ما الذي جعلك تسكت كل هذه المدّة لتخرج بهذه الخرافة..
ما الذي منعك ان تصرح بهذه الحقيقة مباشرة بعد عودتك من المغرب.. وقد كنتم في مركز قوة وميزان القوي لصالح طرحكم الإنفصالي
لذلك دعني أسرد عنك بعض فصول الملحمة المغربية..
كالمسيرة الخضراء التي فتحت لنا أبواب أقاليمنا الجنوبية..
ملحمة واد الذهب والساقية الحمراء.
ملحمة ما بعد الگرگرات ونتائجها المتسارعة دبلوماسيا وإنمائيا..
هي فصول ترسم ملحمة الأمّة المغربية من جيل لجيل ومن قائد لقائد.. بشعار موحد الله الوطن الملك..
الشعار الذي بقي وما زال بعد أن أسقطت كل الشعارات الثورية المزيفة بالكتاب الأخضر كعقيدة عقيد دمويّ كنت أحد أياديه الوسخة..
يوسف غريب