أكادير24
حالة الطوارئ الصحية مقياس دولي لمواجهة الآفات الصحية والأوبئة الفتاكة ، المعتمد من طرف منظمة الصحة العالمية وقد أخدت به جل دول العالم بعد ظهور وباء كوفيد 19 .
و المغرب من الدول التي اعتمدت نظام الطوارئ الصحية لمواجهة تفشي الوباء ، واعتمدت السلطات التنفيدية الفصل 21 من الدستور كسند لذلك حيت ينص على أنه :” ….تضمن السلطات العمومية سلامة السكان وسلامة التراب الوطني ،في إطار إحترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع”.
كما أن نص الفصل 81 من الدستور هو الذي إعتمدته الحكومة المغربية في إخراج المرسومين 292/2/20 و 293/2/20 ، وهما بمثابة الأساس المسطري لفرض حالة الطوارئ الصحية .
ومن خلال المرسومين المذكورين نقول أن كل تمديد لحالة الطوارئ الصحية يعرف ذات الإجراءات القانونية والتدابير المتبعة في التمديدات السابقة من قبل تمديد الٱجالات و تجريم و معاقبة مخالفي الحجر الصحي و تجند مختلف المصالح و على الخصوص الأمنية و الصحية واعتماد التقارير المتعلقة بتطور الحالة الوبائية مع احتساب مختلف النسب المتعلقة بالحالات المسجلة وحالات الشفاء وعدد الوفيات نتيحة الفيروس مع الحرص على تتبع كل الحالات المستجدة والحالات المتعافات كل أسبوع.
ومنحت لوزارة الداخلية إتخاذ كافة التدابير على الصعيد الوطني و التي تبقى ملائمة لكل جهة على حدى بشكل مركزي .
ومن الملاحظ كذلك فقد تم بلورة التنزيل اللامركزي أو كما هو معروف باللاتمركز الإداري، و كذلك بتفعيل ورش الجهوية المتقدمة ، من خلال منح الولاة و العمال صلاحية التخفيف المرحلي من قيود الحجر الصحي حسب الوضعية الوبائية لكل اقليم أو جهة.
و معه فإن المرحلة المقبلة ستعرف نوعا من التخفيف في فرض هذه القيود ببدأ عملية التدرج المرحلي لعودة المواطنين إلى الحياة الإعتيادية قبل فرض هذا الحجر وهو أمر أصبح متصلا بشكل وثيق بتطور الحالة الوبائية ببلادنا و تقلص العدوى ببعض الجهات و الأقاليم كمعيار ناظم لرفع الحجر الصحي بالتدرج من عدمه مع ضرورة الاستمرار في وضع الكمامات والتباعد الصحي و التجمع وغيره.
ليدشن المغرب مرحلة جديدة لمواجهة الوباء ومحاولة تطويقه مرحليا من خلال استراتيحية الوصول الى تحقيق المناعة الجماعية مع الاحتفاض على وسائل الوقاية والسلامة الصحية واحترام تدابير حالة الطوائ الصحية .
وذلك بتلقي اللقاح الإختياري و يعتبر المغرب من البلدان التي وفرت اللقاح بالمجان لكل مواطنيها بل وجندت كل الاطقم الطبية بمافيها العسكرية لتسهيل عملية تلقي الجرعات .
غير ما يميز طيلة فترة إعمال حالة الطوارئ الصحية و إعتبار التلقيح اراديا وليس إجباريا هو فرض الحواز الصحي ليفاجئ المواطن المغربي بقرار إداري هدفه فرض جواز التلقيح ضد فيروس كوفيد 19ومدى الإلتزام بأخد الجرعات المحدد حسب البرتكول الصحي لمواجهة الوباء ، مما يثير اشكال قانوني أمام إعتبار التلقيح إرادي وليس إحباري فكيف تستقيم القاعدة بفرض ضرورة الادلاء بالحواز الصحي عند ولوج الادارات العمونية او المؤسسات الخاصة والفضاءات العامة ، بل أكثر من ذلك منح صلاحية مراقبة التوفر على هذا الحواز لأشخاص عاديين وتمكينهم من التأكد من هوية المواطنين وفحص جوازات تلقيحهم، والتأكد من صحتها بياناتها والذي يعتبر مسا خطير بالخصوصية الشخصية . عمل هو من
إختصاص السلطات العمومية ، ولا يمكن قانونا لاية سلطة إدارية أن تفوض إختصاصاتها ، لأشخاص عاديين ولو كانوا مسؤولين عن مرافق عمومية أو فضاءات خاصة .
الأمر الذي يفرض التأني و الوضوح قبل اتخاد مثل هذه الخطوات ، مادام أن جل المغاربة إستجابوا ، وبطواعية وإختيار، لتلقي الجرعة الاولى والثانية ومنهم من تلقى أو ينتظر دوره لتلقي الثالتة ، ليبقى السؤوال المطروح حول سبب رفض القلة القليلة تلقي اللقاح !!؟ والحق في تلقي اللقاح من عدمه مادام انه سبق التأكيد على أنه اختياري وإرادي .
غير انه إذا كانت صحة الفرد تعنيه وحده ، فإن إصابته بالأمراض المعدية لا تعنيه وحده ، فقد يعمل على نشرها بين أفراد المجتمع وهنا اعود بكم الى المقتضى القانوني الذي يلزم الاطباء بالتبليغ عن الامراض المعدية والفتاكة ، والحالة ان خطورة وباء كورونا الزمت الدول بتجنيد فرق يقضة وتتبع وفرض حالة حجر صحي وطوارئ صحية و توفير اللقاح لمواطنيها بل أن بعضها نص على اجبارية اللقاح ، وبعضها وصل الى ضرورة الالزام عن طريق فرض جواز التلقيح كما هو بالنسبة لفرنسا وبعدها المغرب ودول اخرى .
زد على ذلك أنه في حالة ما إذا كان من حق أي شخص عدم الحصول على اللقاح ، فمن حق الدولة إعمال القانون الذي تبقى مراقبة مدى شرعيته وحتى دستوريته لمن عهد له الاختصاص في ذلك ، وإن كان فرض إجبارية جواز التلقيح من أجل الولوج إلى الأماكن العمومية، يقع تحت طائلة الشرعية القانونية ، من حيث إنه يأتي ضمن الإجراءات التي يمكن أن تدبرها السلطات عبر بلاغات ، كما جاء في قانون الطوارئ الصحية غير أننا نرى انه قرار معيب وغير مسبوق بعم عرض فرضه على المؤسسة التشريعية التي يعود لها الحق في إقراره من عدمه .
فضلا عما يطرحه فرض الجواز الصحي من اشكالات قانونية عدة منها أساس المسؤولية الناتجة عن تلقي اللقاح و شروط قيامها بين قاعدة الاختيار والإلزام وكذلك مسؤولية الدولة عن الاضرار الناتحة عن التلقيح الإجباري واخرى مرتبطة بحقوق الانسان وأسماها الحق في الحياة ، واخرى مرتبطة بمدى دستورية المراسيم بمثابة قانون المؤطرة لحالة الطوارئ الصحية .
اشكالات عدة يجب معالجتها من زوايا مختلفة ، دون أن ننسى ان الخطوات الحالية ومنها فرض جواز التلقيح ماهي الا خطوة نحو رفع حالة الطوارئ الصحية لتحاوز تداعيات الأزمة الكوفيدية على المستوى الاقتصادي والإجتماعي ، كهم تشترك فيه جل البلدان التي حصل مواطنوها على جرعات مختلفة من اللقاحات ضد الفيروس .
إن من حقنا جميعا التواجد في مجتمع سليم ، لا تتعرض فيه حياتنا للخطر ، وهذا هو ما نسميه تحقيق المناعة الجماعية ، لكن بما يضمن كرامتنا جميع .
ذ/ الحسين بكار السباعي ، محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.