أعلنت الحكومة البرتغالية دعمها الكامل للمبادرات “الأطلسية” التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس لفائدة القارة الإفريقية، معتبرة إياها خطوة استراتيجية تعكس تحولًا نوعيًا في العلاقات بين دول الشمال والجنوب. جاء ذلك في بيان رسمي مشترك نُشر على البوابة الإلكترونية للدبلوماسية البرتغالية، عقب مباحثات بين وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيره البرتغالي لويس رينغال.
أكد البيان أن المغرب يمثل “شريكًا محوريًا في غرب البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي”، مشيدًا بالدينامية الجديدة التي أطلقتها الرباط على صعيد التعاون الإقليمي في الفضاء الأطلسي. واعتبرت البرتغال أن المبادرات الملكية الثلاث، التي أُعلن عنها في خطاب نونبر 2023، ترسي أسسًا جديدة لتكامل استراتيجي في إفريقيا، من خلال: تمكين دول الساحل غير المطلة على البحر من الولوج إلى الواجهة الأطلسية، تطوير البنية التحتية للطاقة النظيفة، وتعزيز الأمن البحري الإقليمي.
وفي تصريح خص به صحيفة Público، وصف الخبير البرتغالي في العلاقات الدولية، ريكاردو فاريلا، هذه المبادرات بأنها “نقلة استراتيجية تعكس وعيًا مغربيًا عميقًا بمخاطر الفضاء الأطلسي من جهة، وبفرصه الاقتصادية الكبرى من جهة ثانية”. ولفت إلى أن مشروع الأنبوب الأخضر للغاز بين نيجيريا والمغرب يُعد واحدًا من أكثر المشاريع جرأة وطموحًا في إفريقيا، كونه يشمل 13 دولة ويُربط في النهاية بالسوق الأوروبية، وهو ما يمنح أوروبا مصدرًا بديلًا ومستقرًا للطاقة في ظل المتغيرات الجيوسياسية العالمية.
واعتبر وزير الخارجية البرتغالي لويس رينغال أن التكامل المغربي البرتغالي يفتح آفاقًا جديدة في مجالات البنية التحتية، والأمن الطاقي، واللوجستيك، لا سيما في أفق تنظيم مونديال 2030 المشترك بين المغرب، إسبانيا، والبرتغال، ما يستدعي توحيد الجهود على أكثر من مستوى.
من جهتها، عبّرت جهات اقتصادية برتغالية، من ضمنها غرفة التجارة والصناعة المغربية البرتغالية (CCPM)، عن استعدادها للانخراط في تمويل وتنفيذ مشاريع متعلقة بالبنية الرقمية والموانئ الذكية، بما يواكب توجه المغرب نحو “الساحل الأطلسي الرقمي”، أحد أعمدة التحول الرقمي البحري الذي تسعى الرباط إلى ترسيخه.
وفي خضم هذه الدينامية، شدد عدد من النواب في البرلمان البرتغالي على أهمية انخراط لشبونة في آليات دعم وتمويل هذه المشاريع، التي لا تخدم فقط مصالح القارة الإفريقية، بل تخلق توازنًا استراتيجيًا لصالح أوروبا، وتحد من التبعية الطاقية لمصادر غير مستقرة.
أما مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري، فيبقى حجر الزاوية في هذه المبادرات. وهو مشروع ضخم بطول يتجاوز 5600 كيلومتر، يربط بين نيجيريا والمغرب مرورًا بـ13 دولة إفريقية، ويهدف إلى تزويد أوروبا بالغاز الطبيعي عبر إسبانيا. ووفق ما نشرته صحيفة Expresso البرتغالية، تراهن بروكسيل على هذا المشروع لتأمين جزء من حاجياتها الطاقية، في أعقاب الأزمة الروسية-الأوكرانية.
تعكس هذه التطورات بجلاء حجم الثقة السياسية والاقتصادية التي بات يحظى بها المغرب في دوائر القرار الأوروبي، خصوصًا من طرف شركائه الأطلسيين، الذين يرون في الرباط بوابة استراتيجية للتعاون جنوب-شمال، ونموذجًا لتفعيل الأمن الطاقي والرقمي البحري في إفريقيا.