أرسل الملك جورج الرسالة التالية إلى الخليفة هشام الثالث (حاكم مسلم) سنة 1028 يطلب الإذن للقيام بمهمة أميرات للدراسة في جامعة قرطبة التي اسسها المسلمون في اسبانيا وقد جاء نص الرسالة كالتالي:
“من جورج الثاني ملك إنجلترا والغال والسويد والنرويج، إلى الخليفة ملك االمسلمين في مملكة الأندلس صاحب العظمة (هشام الثالث) الجليل المقام، بعد التعظيم والتوقير..
فقد سمعنا عن الرُّقيِّ العظيم الذي تتمتَّع بفيضه الصافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة؛ فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج هذه الفضائل؛ لتكون بدايةً حسنةً في اقتفاء أثركم، لنشر أنوار العلم في بلادنا التي يسودها الجهل من أربعة أركانٍ، ولقد وضعنا ابنة شقيقنا الأميرة “دوبانت” على رأس بعثةٍ من بنات أشراف الإنجليز، تتشرَّف بلثم أهداب العرش، والتماس العطف؛ لتكون مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم، وحماية الحاشية الكريمة، وحدب من لدن اللواتي سيتوفرن على تعليمهن، ولقد أرفقت مع الأميرة الصغيرة هديةً متواضعةً لمقامكم الجليل، أرجو التكرُّم بقبولها مع التعظيم والحبِّ الخالص.
من خادمكم المطيع جورج الثاني ملك إنجلترا”.
ورد الحاكم المسلم كالتالي :”الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه سيد المرسلين وبعد:
إلى ملك إنجلترا وايكوسيا واسكندنافيا الأجل…
أطلعت على التماسكم فوافقت على طلبكم بعد استشارة من يعنيهم الأمر من أرباب الشأن، وعليه نعلمكم أنه سوف ينفق على هذه البعثة من بيت مال المسلمين دلالة على مودتنا، لشخصكم الملكي.
أما هديتكم فقد تلقيتها بسرور زائد، وبالمقابل أبعث إليكم بغالي الطنافس الأندلسية وهي من صنع أبنائنا هدية لحضرتكم وفيها المغزى الكافي للتدليل على التفاتتنا ومحبتنا والسلام.
خليفة رسول الله في ديار الأندلس هشام الثالث”.
الغال : تطلق على أجزاء من بلاد فرنسا الحالية
الرسالة الأصلية ”
نبذة عن تاريخ الملك هشام :
كان عبد الرحمن المرتضي أخو هشام قد طالب بالخلافة في فترة خلافة علي بن حمود، إلا أنه قُتل دونها عام 409 هـ في معركة أمام بربر صنهاجة حلفاء بني حمود في إلبيرة، ففرّ هشام من قرطبة إلى حصن ألبونت في جوار صاحب الحصن عبد الله بن قاسم الفهري. وبعد أن خلع القرطبيون يحيى المعتلي بالله من خلافته الثانية في 20 ربيع الآخر 418 هـ، قرر أهل قرطبة رد الخلافة للأمويين، واختاروا هشام بن محمد بن عبد الملك فبايعوه في 25 ربيع الآخر، ولقّبوه بالمعتد بالله. بقي المعتد بالله العامين الأولين من خلافته في ألبونت، ثم انتقل إلى قرطبة في ذي الحجة 420 هـ. في خلافته، كان الأمر والنهي لرجل من وزرائه يدعى الحكم بن سعيد القزاز، الذي أساء معاملة القرطبيين، واستأثر بكل سلطة. فاستغل أمير أموي يدعى أمية بن عبد الرحمن بن هشام بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر والمعروف بالعراقي غضب القرطبيين، وفتك بالحكم القزاز في ذي القعدة 422 هـ، ثم هاجم القصر هو والعامة، ففر منه المعتد بالله بأهله، وهو يناشد المهاجمين حقن دمه. ثم رأى أهل قرطبة إبطال الخلافة بالكلية، فخلعوا هشام في 12 ذي الحجة 422 هـ،ونفي جميع الأمويين من المدينة. أما هشام المعتد بالله فلجأ إلى جوار سليمان بن هود صاحب لاردة حتى توفي في صفر 428 هـ
التعاليق (0)
التعاليق مغلقة.