ألم يحن الوقت لإعلان جبهة البوليساريو منظمة إرهابية، ومساءلة من يدفعها إلى التمرد على الشرعية الدولية؟

خارج الحدود

بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

أعاد الموقف الأخير لجبهة البوليساريو، الرافض لما وصفته بـ«الوساطة الأمريكية»، تسليط الضوء على التناقض الصارخ في خطاب الجبهة، خاصة بعد صدور القرار الأممي الأخير الذي كرّس المبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل جدي وذي مصداقية لنزاع الصحراء المغربية، بدعم واضح من الولايات المتحدة داخل مجلس الأمن.
فالحديث عن «وساطة أمريكية غير نزيهة»، كما ورد في تصريحات منسوبة لمصادر داخل البوليساريو نقلتها صحيفة إل إنديبندينتي الإسبانية، لا يستقيم مع الواقع الدبلوماسي، لأن الدور الأمريكي لم يكن خارج الإطار الأممي، بل كان جزءاً أساسياً من القرار الأممي نفسه، الذي صوّتت عليه أغلبية أعضاء مجلس الأمن.

  • مهاجمة القرار الأممي باسم الشرعية الدولية

تُصرّ البوليساريو، في خطابها، على الادعاء بأنها لا تعترف إلا بإطار الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، غير أن رفضها العملي لمضامين القرار الأخير يفضح هذا الادعاء. فحين تصدر قرارات لا تخدم أطروحتها الانفصالية، تتحول الأمم المتحدة فجأة في خطاب الجبهة إلى أداة «غير متوازنة»، ويصبح أحد أعضائها الدائمين، وهو الولايات المتحدة، «طرفاً غير نزيه».
هذا السلوك يعكس منطقاً انتقائياً في التعامل مع الشرعية الدولية، حيث يتم قبولها فقط عندما تخدم أجندة سياسية محددة، ورفضها عندما تتجه نحو الواقعية والحلول الممكنة.

  • «الخطوط الحمراء» في مواجهة الإجماع الدولي

إعلان البوليساريو عن «خطوط حمراء» أمام أي مفاوضات، خاصة تلك المرتبطة بمبادرة الحكم الذاتي، يعني عملياً رفض مخرجات مجلس الأمن، الذي دعا بشكل متكرر إلى حل سياسي واقعي وتوافقي.
وهنا يبرز الدور الجزائري بوضوح، إذ لا يمكن فصل تصلّب الجبهة عن موقف النظام العسكري الجزائري، الذي يرى في أي تقدم دبلوماسي للمبادرة المغربية خسارة استراتيجية لنفوذه الإقليمي.
فالهجوم على الدور الأمريكي ليس سوى تعبير غير مباشر عن رفض الجزائر للتحول داخل مجلس الأمن، حيث لم تعد أطروحة الانفصال تحظى بالدعم السابق، مقابل تنامي الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.

  • من معارضة سياسية إلى تقويض للشرعية الدولية

الأخطر في موقف البوليساريو لا يكمن فقط في رفض مبادرة الحكم الذاتي، بل في تقويضها الصريح لقرارات مجلس الأمن، وهو ما يطرح سؤالاً مشروعاً حول طبيعة هذه الجبهة.
فكيان مسلح يرفض وقف إطلاق النار، ويهاجم قرارات أممية، ويعمل خارج أي مساءلة قانونية داخل مخيمات مغلقة، لم يعد مجرد طرف سياسي، بل أصبح عاملاً مهدِّداً للاستقرار الإقليمي.
ومع استمرار الدعم الجزائري السياسي واللوجستي، تتحمل الجزائر مسؤولية مباشرة في إدامة هذا الوضع، بل وفي تشجيع خطاب عدائي تجاه المؤسسات الدولية نفسها.

  • هل يقترب النقاش حول التصنيف؟

في ضوء هذه المعطيات، لم يعد النقاش حول إمكانية تصنيف البوليساريو كتنظيم إرهابي ضرباً من المبالغة السياسية، بل أصبح مطروحاً في سياق قانوني وأمني، خاصة إذا استمرت الجبهة في:

  • رفض قرارات مجلس الأمن
  • تقويض جهود الحل السياسي
  • تبني خطاب عدائي تجاه قوى دولية فاعلة
  • ومواصلة العمل المسلح خارج الشرعية الدولية
  • خاتمة

إن مهاجمة البوليساريو للدور الأمريكي، الذي تجسّد في القرار الأممي الأخير، ليست سوى محاولة للتشويش على حقيقة أساسية: المجتمع الدولي يتجه نحو حل نهائي واقعي، والمبادرة المغربية باتت مرجعيته الأساسية.
وفي مواجهة هذا التحول، اختارت الجبهة، وبدعم من النظام العسكري الجزائري، منطق الرفض والتصعيد، وهو خيار قد يضعها قريباً في خانة الكيانات المارقة عن الشرعية الدولية، بدل أن تكون جزءاً من الحل.