“ نبلغ الرأي العام الوطني بضبابية وتناقض وغموض وتضارب الأرقام التي تم تسجيلها مع إعلان النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية من طرف رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات ”
هي الفقرة – البصمة التي تجعل الجزائر خارج المنطق العالمي الذي وقف حائراً في فهم هذا الموقف الرافض لنتائج الانتخابات من طرف الفائز بها بأزيد من 94 في المائة من الأصوات..
وهو الموقف نفسه الذي جعل من هذه الفقرة بالضبط وثيقة تاريخية استثنائية لا شك انّها ستقرأ لدى الأجيال القادمة بالكثير من الإستغراب والتعجب في وحدة الموقف ببن الخاسر والرابح من هذه الارقام المعلنة
وستقرأ بالكثير من السخرية حد الشفقة على الرئيس تبّون الذي شكك في أرقام الشخص الذي عيّنه بنفسه وجدّد تكليفه بمراقبة صناديق إقتراع 24 بعد تجربة 2019. ليبقى لغز العلاقة بين المزوّر والمزوّر له أكثر ضبابية وغموضاً كأرقامه المشكوك فيها حسب ما جاء في فقرة البيان أعلاه..
لذلك يصعب على العاقل القول بأنّ الانتخابات كانت نزيهة كما يصعب القول بأنها مزورة لكونها خارج المنطق البشري كما هو متعارف عليه أمميّاً.. فنحن أمام كوكب الجزائر بالفعل بحيث يجوز لرئيسها أن يدين أرقام اللجنة المستقلة للانتخابات ويرفض أن يذهب الى المحكمة الدستورية العليا للطعن فيها..
يجوز لنفس الرئيس أن يشكك في ضبابية الارقام وفي نفس الوقت يتقبل تهاني رؤساء الدول والحكومات باعتباره رئيسا في عهدته الثانية.. وهذا في حد ذاته إهانة كبيرة لقرارات المحكمة الدستورية الجزائرية التي لم تجتمع بعد للنظر في الطعونات المرفوعة إليها.. خاصة وان هناك صدفة غريبة حيّرت ساكنة العالم حين تساوى عدد المصوتين ( 5630 ) برقم عدد شهداء تبون ( 5630) هي الصدفة التي دفعت رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات السيد محمد شرفي بالقول بانّه لا يتحكم في الأرقام حسب ماجاء على لسان السيدة زبيدة عسّول إحدى المترشحات التي تم إقصاؤها من السباق..
والحالة هاته فالامر لا يخرج عن وصف هذا الهرج بعملية مسرحية سياسية لعسكرة النظام أكثر خاصة بعد الهدية الكبري التي قدمها تبون آواخر عهدته عبارة عن مرسوم رئاسي يعزز صلاحيات الجيش ويوسع هيمنته على المؤسسات المدنية الحيوية والاستراتيجية بالبلاد
أمّا ضبابية الارقام وغموضها وتناقضها لا تختلف عن كل الارقام التي أدلى بها الرئيس تبون خلال عهدته الأولى بدءاً بالنجاحات الخيالية وبالانجازات الوهمية وبتحريف كل الحقائق وتزوير كل التاريخ العالمي والمحلي..
والامثلة كثيرة فبعد أن أوصل الاقتصاد الجزائري الى الرتبة الثالثة وعد الجزائريين بتنفيذ 8300 مشروع وستمكن من خلق 300 منصب شغل، بمعنى أن أكثر من 25 مشروع ستخلق فقط منصب شغل واحد،…
صدقوني هي أرقام تبون الذي يحتجّ على ارقام رئيس اللجنة
فالجزائر الجديدة لا تعاني من ضبابية الارقام فحسب
بل ضبابية الموقف وغموضه امام المجتمع الدولي بين إعلان الحياد في النزاع المفتعل باقاليمنا الجنوبية وتسفير جمهورية الوهم في حقيبة دبلوماسية قصد إشراكها في منتديات دولية.. علاوة على تزوير جوازات دبلوماسية لعناصر البوليزاريو آخرها فضيحة بن بطوش ناهيك عن استدعاء سفراء دول غيرت موقفها من هذا النزاع لصالح الحق المغربي الاصيل….
بل وصلت الوقاحة أقسى حدودها وفي ضخمّ هذه المسرحية الانتخابية أن يجد شنقريجة الحقود كامل الوقت ويسافر سرّاً
يوم 4 شتنبر من أجل إقناع القاهرة بعقد اتفاقية عسكرية ثنائية للرد على التعاون العسكري المغربي الإثيوبي…
ويعود فاشلاً وخارج مربع الفهم لما يجري في كوكب الارض.. بدليل اللقاء الثنائي بين وزيري خارجية المغرب ومصر الذي انعقد قبل يومين بالقاهرة وبجملة بليغة حسب البيان الصادر بالمناسبة :
” وتبادل الوزيران الرؤى اتجاه مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك عربيا وقاريا ودوليا ”
هي جملة الفرق بين بلد الوضوح والمصداقية في العلاقات الدولية وببن بلد الغموض والضبابية والتناقض
بين الشرعية والمشروعية في الداخل قبل الخارج وبين عصابة فشلت في تبييض وجهها عبر صناديق الإقتراع عبر ستة ملايين ورقة بيضاء
هذا الرقم المخفي في كل هذه المسرحية باعتباره سابقة انتخابية ولأول مرة في العالم تكون عدد البطائق الملغاة أكثر من عدد البطائق الصحيحة..
ولهذا قالوا في حق مثل هذه العصابة :
( على صاعد النخلة أن يتيقّن أولا من نقاوة ملابسه الداخلية)
وهاهي وسخ ملابسكم الداخلية مكشوفة تحت أنظار العالم.. وأمام نخلة الصحراء المغربية أصلها ثابت وفرعها في السّماء
يوسف غريب كاتب صحفيّ