بداية عزيزي المتلقي ، ومن باب محاولتنا لرصد تسارع المواقف والتحليلات ، بعد عملية إغتيار حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني ، والخرق الأستخباراتي غير المسبوق الذي أصبحت تعرفه الأدرع الخلفية لإيران بمنطقة الشرق الأوسط ، أن ننطلق من أن المصلحة سواء كانت دينية أو اقتصادية هي المحددة للسياسة الخارجية لإيران . فخيارات إيران اليوم اضحت محدودة وصعبة بعد مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله وقبله القياديين البارزوين في هذا التنظيم، فؤاد شكر وإبراهيم عقيل.
فلسنا ببعيدين عن الهجوم الجوي الإسرائيلي على مبنى قنصلية إيران في دمشق، ومقتل اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في عقر دارها وعاصمتها طهران، لنقف اليوم أمام إستهداف إسرائيل لأمين عام حزب الله حسن نصر الله ، أحد أدرع إيران الصعبة بلبنان وأحد قواتها بالوكالة في منطقة الشرق الأوسط ، بل أن تخطيطات أجنحة إيران وإستراتيجيتها العسكرية التكتيكية وصلت بحزب الله الى الغرب والساحل الإفريقي وطبعا بدعم و إحتضان لدولة أو أكثر من داعمي الجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية بشريط قندهار الإفريقي حسب التقارير الإستخباراتية والذي،يشكل جزءا من المخطط الأكبر للمد الشيعي بإفريقيا الذي بدأ مند قيام الثورة الإيرانية ،حيث شكلت إفريقيا محورا مهما في أولويات السياسة التوسعية الإيرانية، وساحة رحبة ومثمرة لأنشطتها السياسية والاقتصادية، ومركزا استراتيجيا مهما للوصول إلى الدول العربية بشمال أفريقيا والتحكم في أنظمتها السياسية .
ليبقى السؤال الصعب ورجوعا لموضوعنا ، هو مدى مدى نجاح إسرائيل، ومن خلال آخر عملياتها ضد أدرع إيران الخارحية،بإستهداف حزب الله، أقوى التنظيمات السياسية الشيعية المسلحة وأحد مكونات المقاومة اللبنانية والذي تنشط عملياته بمنطقة الجنوب اللبناني وعلى مرمى مزارع شبعا المحتلة من قبل إسرائيل ، أقول هل ستنجح إسرائيل بالدفع بإخراج إيران من المنطقة الرمادية من خلال الضربات السابقة لأدرعها الخارجية ؟
إيران التي بقيت والى حدود ساعته حبيسة وعالقة في لعبة الخطاب الإعلامي ، رغم الضغوط الداخلية للقوى المتشددة التي ترى أن الرد يجب أن يكون حاسما في مواجهة إسرائيل ، ورغم تصريح المرشد العام الإيراني علي خامنئي بالقول : أن “لبنان سيجعل العدو الغازي الشرير والمنبوذ يندم على أفعاله”، وكأن إيران غير مطالبة بالرد دفاعا عن إستهداف حزب الله وقيادته العسكرية، وهو ذات الأمر الذي ذهبت إليه الجماعات الموالية لإيران و المستهدفة من قبل إسرائيل بأن الدعم العملي لن يأتي من طهران ، خاصة بالرجوع الى الرد المحتشم للجيش الإيراني على إسرائيل من خلال مسيرات نتيجة عملية إستهداف سفارتها بسوريا .
نحن اليوم يا سادة ، أمام إنكشاف لعبة إيران بمنطقة الشرق الأوسط وتخليها التدريجي عن أدرعها المسلحة ،فحساب الخسارات والأرباح في مختلف العمليات العسكرية لا تحكمه النتائج الميدانية فقط بل يبقى مرتبطا بحسابات أكبر تحكمها قوى خارجية كبرى وهي في معرض مقالنا المتحكمة في المفاوضات النووية الإيرانية .
لسنا بعيدين عن إيران وتصريحات مرشدها العام ،لنقف على ما موقف بشار الأسد بإغلاق مكتب تجنيد عسكري لحليفه حزب الله و تهديده بملاحقة كل سوري تبت تطوعه للقتال بإسم هذا الحزب .
عليناأن نعتمد في تحليل السياسة الخارجية للدول على حقيقة ثابتة وهي أنه لا توجد مبادئ ثابتة في العلاقات الدولية وإنما توجد مصالح ثابتة وهي بدورها تتأثر بمنطق العرض والطلب وتغير الظروف، وهذا ينطبق على إيران كما ينطبق على إسرائيل و أميركا.
فالثابت والمهم في السياسة الخارجية الأميركية، أمن إسرائيل أولا، دون أن نغفل أن إيران سعت جاهدة للاستفادة من الفوضى التي تعم منطقة الشرق الأوسط نتيجة اختلال الضغط في توازن القوى الناجم عن تقسيم العراق واضعاف الدول المجاورة لإسرائيل وتبني خيار المقاومة الخارجية عن طريق أدرع الجماعات المسلحة الممونة من طرفها .
ختاما ، قد نتفق وقد لا نتفق، على أن مقتل حسن نصر الله ، تأكد على تفوق إسرائيل الأمني والعسكري، وقدرتها على الإختراق ، وظهور تكنولوجيا حربية جد متفوقة تفتقدها العديد من المنظومات الدفاعية للدول .
إنه إشعار كذلك أن منطقة الشرق الاوسط أضحت اليوم تعيش اكبر تحول استراتيجي بعد سقوط بغداد بتحالف دولي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية وتؤدي أدواره بامتياز دولة إيران لتحقيق حلمها الشيعي و اعلان السيطرة على اربع عواصم عربية ،بل وتغلغل شيعي تدريجي نحو منطقة شمال إفريقيا ،كما أنه لا يعدوا أن يكون سوى بداية حرب أخرى بالمنطقة وتهديد بغزو للبنان ، مما يستلزم تكاتف الجهود الدولية بوقف إسرائيل لعملياتها العسكرية داخل غزة وخارجها حماية للأمن والسلم الدوليين .
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.