الإنسان لا يولد مجرما، بل المجتمع والأسرة هما من يخلقان منه مجرما، و الجريمة تختلف من حيث أسبابها ودرجتها، وآخرها هي الجريمة المرتبطة بالعنف،لم يعد خفيا على أحد أن بلادنا التي كانت تتميز بالأمان في شوارعها لدرجة ان أبواب المنازل تبقى مشرعة، اصبت اليوم تسجل حالات متكررة من إعتراض طريق المارة، وذلك بإستعمال السلاح الابيض او الكلاب المدربة و الدراجات النارية، حتى أصبح الخروج إلى المساجد لأداء صلاة الفجر محفوفا بالخاطر، وكذلك الحال للعمال والموظفين خاصة من النساء المتجهين والمتجهات إلى العمل،
في أرقام، قدمتها المديرية العامة للأمن الوطني، كشفت هذه الأخيرة عن ارتفاع معدل القضايا المسجلة، حيث سجلت في مختلف ربوع المملكة، خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير إلى غاية 15 شتنبر من السنة الماضية على سبيل المثال ، ما يزيد عن 449 ألف قضية زجرية، استطاعت المصالح الأمنية استجلاء حقيقة حوالي 396 ألف و970 قضية منها.
كما إن المصالح الأمنية استطاعت حل القضايا المسجلة بمعدل زجر يناهز 88.34 بالمائة. والمعالجة الأمنية لهذه القضايا أسفرت عن توقيف 443 ألفا و728 شخصا، من بينهم 16 ألفا و862 قاصرا، مشيرا إلى أن عدد القضايا المسجلة ارتفع بما مجموعه 5.85 بالمائة، أي بزيادة بلغت 24 ألف و820 قضية زجرية، بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة التي سبقتها.
إلى ذلك، جرى تفكيك 332 شبكة إجرامية تنشط في اقتراف السرقات بالعنف بالشارع العام، والتي أوقفت مصالح الأمن في إطارها 652 شخصا، وحجزت 102 قطعة سلاح أبيض، و33 سيارة و22 دراجة نارية.
وبلغ عدد الأشخاص الموقوفين من طرف رجال الأمن في مختلف المدن 108236 شخصا. وجاءت الدار البيضاء على رأس المدن الأكثر إجراما، ب 17381 شخصا،
مدينة الرباط تحتل المرتبة الثانية ب 13365 شخصا.
وتأتي مدينة فاس في المرتبة الثالثة ب 11546 شخصا، تليها جهة سوس ماسة درعة التي أوقفت مصالح الأمن بها 8494 شخصا.
واحتلت مدينة مكناس المرتبة الخامسة ب8438 شخصا،
بينما حافظت مدينة مراكش على المرتبة السادسة ب 8030 شخصا.
مدينة وجدة تحتل المرتبة السابعة في التصنيف، إذ اعتقل بها 7855 شخصا،
فيما حلت مدينة طنجة في المرتبة الثامنة بـ6296 حالة اعتقال،
بينما احتلت مدينة تطوان المرتبة التاسعة، إذ اعتقلت مصالح الأمن بها 5959 شخصا.
وفي المرتبة العاشرة جاءت مدينة بني ملال، إذ تم إيقاف 4035 شخصا بها،
وحسب المعطيات المتوفرة لدى الإدارة العامة للأمن الوطني، فإن الجريمة في المغرب أصبحت ترتبط بالمال وبالمخدرات والهجرة غير الشرعية،
ورغم هذه الإحصائيات الرسمية التي لا تأخد في الإعتبار الحالات الغير مبلغ عنها لدى مراكز الأمن بسبب تعقد المساطر، و مخاوف المواطنين من الإنتقام فقد أكدت وزارة الداخلية، على أن معدلات الجريمة في المغرب تبقى “أقل” من المعدلات العالمية، بالرغم من ارتفاع مستوى عدم الإحساس بالأمن لدى المغاربة.
كما كشف تقرير أممي عن تصاعد عدد جرائم القتل في المغرب بشكل سنوي، حيث يصل المعدل إلى 2.1 جريمة قتل لكل 100 ألف حالة وفاة.
وجاء في التقرير الذي أعده مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن الاتجاه التصاعدي في جرائم القتل في شمال إفريقيا يتركز في مدينتين فقط، هما العاصمة الجزائرية ومدينة الدار البيضاء في المغرب.
وحسب نوع الجرائم، فإن 29% من جرائم القتل في المغرب يقوم بها “شريك حميم” أو “فرد من الأسرة”، و8% نتيجة السرقة، و3% منها تنفذها عصابات في إطار الجريمة المنظمة.
وبالأرقام، فقد وصلت جرائم القتل في المغرب إلى 761 جريمة سنة 2017، مقابل 594 عام 2016، وكان هذا الرقم في حدود 89 فقط سنة 1990، وما انفك يرتفع كل سنة حتى وصل ذروته القصوى سنة 1997 بنحو 732 قتيلا، ثم عاد بعد ذلك إلى الانخفاض قليلا إلى ما بين 400 و500 قتيل سنويا حتى سنة 2016، ثم ارتفع أكثر سنة 2017.
أما عالميا، فتشير أرقام التقرير الأممي إلى أن نحو 464 ألف شخص في جميع أنحاء العالم وقعوا ضحايا لجرائم القتل في عام 2017 وحده، أي أكثر من 5 أضعاف عدد القتلى في الصراعات المسلحة خلال الفترة نفسها.
ومهما تعددت التقارير فإن إعتماد نظام الحملات الأمنية، بدل إنتشار رجال الأمن في مختلف إحياء المدن جعل الأزقة المظلمة، و حتى الفضاءات العمومية مرتعا للجريمة و استعمال العنف،
و لأسباب أمنية يصعب التعرف عن نسبة عدد رجال الأمن بالمغرب، لكن ما يبدو للعيان هو وجود خصاص مهول من عناصر رجال الأمن، ورغم ذلك تتجه غالبية الجهود إلى حراسة البنايات الأجنبية بمعدل رجلي أمن، وكذا المناطق السياحية التي تحضى بالاولوية فيما مراكز الشرطة بالأحياء مغلقة او مهجورة كما هو الحال بمدينة اكادير او غير موجودة خاصة في الأحياء الجديدة.
الجريمة المقرونة بالعنف تعطي الدليل على فشل السياسات العمومية في قطاعات حيوية كالتعليم مثلا، وانهيار نظام الأسرة، و حتى السجون تعرف نسبة عودة المجرمين إليها بشكل كبير يبين فشل سياسات إعادة إدماج السجناء بالمجتمع،
وتشكل نسبة البطالة المرتفعة في اوساط الشباب واحدة من أهم المسببات لإنتشار الجريمة،
وقد تكون بلادنا في مأمن من الجريمة المرتبطة بإستعمال السلاح الممنوع وطنيا، لكن استعمال السيوف أصبح ظاهرة مقلقة،
كما اننا لم نصل إلى نسب كبيرة بخصوص الجريمة المنظمة، و جرائم العصابات، مما يفسر ان الجرائم تكون فردية او ثنائية في الغالب مما يعني انها راجعة إلى حاجة المجرم إلى المال بسبب أوضاعه الإجتماعية،
موضوع الجريمة يمكن اعتباره نتيجة لكل الظواهر التي تعرضنا لها سابقا في مقالات مختلفة، ولأنها نتيجة فإن الحل يكمن في مواجهة الأسباب والتي تتمثل في ما ينخر البلاد من فساد و تعثر للسياسات العمومية وضعف العدالة الاجتماعية.
فهل تعتبرون؟