أكادير24 | Agadir24 – متابعة
أصبحت تجربة المدارس الجماعاتية تحظى باهتمام كل الفاعلين والمتتبعين للشأن العام، بعد أن طفت للسطح العديد من المشاكل والصعوبات التي اعترضت التجربة والتي أضحت بدورها حديث العام والخاص دون أن تجد أي طريق للحل من قبل المديرية الإقليمية وشركائها الجماعيين والجمعويين.
لقد كان الهدف الأساس الذي جاء به مشروع المدارس الجماعاتية هو تصحيح وتلميع صورة المدرسة كمؤسسة اجتماعية في أذهان السكان وثقافتهم. وإشراكهم في تدبير وتسيير شؤون المدرسة عن قرب. علاوة على ترشيد تدبير الموارد البشرية ومحاربة ظاهرة الأقسام المشتركة واستغلال الوحدات الفرعية المهجورة وتوظيفها في التعليم الأولي والتربية غير النظامية ومحاربة الأمية بتنسيق مع فعاليات المجتمع المدني والساكنة.
غير أن مختلف التجارب التي عرفها الإقليم يبدو انها بعيدة كل البعد عن الأهداف المسطرة والصورة المنشودة. أكثر من ذلك فقد أصبحت تشكل عبء إضافيا وماديا على الأسر والمجالس المنتخبة وجمعيات النقل المدرسي التي عجز جلها عن تجميع تلاميذ مختلف الفرعيات داخل مؤسسة واحدة مما أفقد المشروع جوهره وصفته الجماعاتية.
وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن جماعة انزي مازالت تحتضن ثلاث مجموعات مدرسية بالإضافة إلى المدرسة الجماعاتية عبد المومن، ونفس الأمر ينطبق على جماعة سيدي بوعبداللي والساحل وارسموكة وتيغمي.
أما جودة التعلمات وجودة الحياة المدرسية، فإن المدارس الجماعاتية، حسب العديد من الفاعلين والمتتبعين، لم تقدم أي إضافة نوعية وهو ما يفسر الرفض الذي يجابه به هذا المشروع من قبل الأمهات والآباء في العديد من الدواوير من أبرزها دوار إدلحسن بجماعة سيدي بوعبداللي، وأوشان بجماعة الساحل والديران بجماعة أنزي وغيرها كثيرة.
فبخصوص المدرسة الجماعاتية لسيدي بوعبد اللي فقد عرفت انطلاقة متعثرة بسبب غياب أي تخطيط قبلي أو مقاربة تشاركية، حيث كان الرهان الفاشل لمديرية التعليم بتزنيت هو الإسراع بتشييد البناية في غياب مطلق لفهم سوسيو ثقافي للمنطقة، أو توقع لمآلات مشروع تربوي كبير في جماعة ضعيفة الامكانيات..
ففي الاسابيع الاخيرة طفت الى سطح الأحداث مجددا أزمة النقل المدرسي ، وحرمان بعض تلاميذ المؤسسة من الحضور الى فصولهم الدراسية بسبب غياب وتوقف حافلات النقل بقرار من جمعية النقل المدرسي، مما دفع الساكنة صبيحة اليوم الإثنين 17 أبريل الى الخروج للاحتجاج أمام المدرسة الجماعاتية بعد أسابيع من غياب أي محاور جدي ومسؤول سواء في مديرية التعليم او المجلس الإقليمي صاحب الاختصاص في ملف تدبير أسطول النقل المدرسي بالاقليم.
وفي ظل هذه المستجدات بادرت النائبة البرلمانية، خديجة اروهال باسم فريق التقدم والاشتراكية الى مساءلة وزير التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة شكيب بن موسى حول وضعية المدرسة الجماعاتية لسيدي بوعبداللي وحرمان التلاميذ من حقهم في التمدرس بسبب ما وصفته خديجة أروهال بسوء تدبير مرفق النقل المدرسي ، كما أنها لم تفوت الفرصة لتخبر بن موسى انه تزامنا مع الجلسة البرلمانية لصباح اليوم الإثنين هناك احتجاج للآباء أمام المدرسة الجماعتية، متهمة مديرية وزارة التربية الوطنية بتزنيت بالانسحاب من هذا الملف ، وأنها وضعت المصير الدراسي لأبناء جماعة سيدي بوعبد اللي تحت رحمة مزاجية من يدبرون النقل المدرسي بسيدي بوعبداللي .
وفي رده على النائبة البرلمانية أروهال ، رمى شكيب بن موسى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، مسؤولية النقل المدرسي على المجلس الإقليمي لتزنيت، ووعد بأن وزارته ستشتغل مع المجلس الإقليمي لحل مشكل المدرسة الجماعاتية لسيدي بوعبداللي .
رد وزير التربية الوطنية يؤكد على دور ومسؤولية المجلس الاقليمي لتزنيت صاحب الاختصاص ، والذي يرأسه محمد الشيخ بلا وهو استاذ التعليم الابتدائي وخبر جيدا جسامة الملف وتبعات الهدر المدرسي بالوسط القروي.
كما أن عامل إقليم تزنيت يتحمل ايضا مسؤولية حرمان تلاميذ جماعة سيدي بوعبد اللي من ولوج فصولهم الدراسية، لأنه كعامل الإقليم عليه أن يسارع إلى تنبيه المجلس الاقليمي للقيام بالمهام المنوطة به، أو أن يعمد كعامل للإقليم الى تفعيل مسطرة الحلول لتجاوز تقاعس وفشل رئيس المجلس الاقليمي ويعبئ موارده لمعالجة هذه الوضعية الكارثية الذي تنتهك حق دستوري لساكنة سيدي بوعبداللي.
ورغم أن وزير التعليم حمل مسؤولية مشاكل النقل المدرسي للمجلس الاقليمي لتزنيت، وضمنيا لوزارة الداخلية في شخص العامل كسلطة وصاية، فذلك لا يعفي مديرية التعليم ايضا من مسؤولية المشاكل التي تتخبط فيها جل المدارس الجماعاتية ، حيث أفاد مصادرنا داخل مديرية التعليم بتزنيت عن غياب أي تواصل بين المديرية وآباء وامهات تلاميذ مدرسة سيدي بوعبداللي، كما أن المديرية لم تكلف نفسها الانتقال الى عين المكان للإنصات للساكنة، او البحث عن سبل حل مشاكل النقل المدرسي مع باقي الشركاء، او فتح ورش تفكير وتقييم لمشروع المدارس الجماعاتية داخل المديرية من خلال اجتماعات او لقاءات مع اطر المديرية من هيئة المراقبة التربوية و ادارة تربوية وشركاء اجتماعيين، حيث اصبحت المديرية شبه مستقيلة من تتبع مشاكل المدارس الجماعاتية…
ليبقى السؤال المطروح حول مدى قدرة مديرية التعليم بتزنيت على تدبير مشروع المدارس الجماعاتية بتزنيت ؟ وإلى أي حد يستطيع الشركاء الالتزام بتعهداتهم؟!..ليبقى الجواب الواقعي الآن أن تزنيت تقترب من الإعلان عن فشل المدارس الجماعاتية ، وان الدخول المدرسي المقبل قد يكون تاريخ إعلان وفاة المدارس الجماعاتية بتزنيت، ونهاية مشروع أكبر من المدير الإقليمي للتعليم ورئيس المجلس الإقليمي وعامل الإقليم .