صادق مجلس النواب، أول أمس الثلاثاء٬ رسميا على مشروع قانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة٬ حيث صوت 115 نائبا لصالح مشروع القانون، مقابل معارضة 41 نائبا وامتناع 4 آخرين، خلال جلسة تشريعية بمجلس النواب.
ولطالما خلق مشروع القانون نقاشا حادا بين فرق المعارضة ووزير العدل عبد اللطيف وهبي، بشأن مجموعة من مواد النص التشريعي، فيما أثارت المصادقة عليه جدلا واسعا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمهتمين بالشأن العام المغربي.
في هذا السياق، عبر العديد من المواطنين على رفضهم القاطع لهذا القانون٬ مؤكدين أنه تكريس لفكرة “السجن للفقراء فقط”٬ كما حذروا من “الاختلالات التي يمكن أن تطال تطبيقه على أرض الواقع”.
وتفاعلا مع هذا الموضوع، كشف المحامي المغربي نوفل البوعمري أن “القانون الذي تمت المصادقة عليه، والذي حافظ على ما يعرف إعلاميا بـ”شراء العقوبة السجنية” سيطرح عدة إشكالات في التنزيل، خاصة في ظل الاختلالات الاجتماعية الموجودة”.
ومن شأن القانون المذكور، حسب ذات المحامي، أن “يخلق وضعا تمييزيا في الاستفادة من المقتضيات التي جاء بها”، خاصة أنه “لم يقم باستثناء العديد من الجرائم ذات الطابع الاجتماعي، والتي يكون تأثيرها على المجتمع وعلى الأفراد كبيرا”.
وحذر ذات المتحدث من “خلق بعض مقتضيات القانون المذكور حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي، خاصة على مستوى الردع الذي يراد تحقيقه من العقوبة الزجرية”، وهو “ما سيؤدي إلى الشعور بنوع من عدم الاطمئنان للأحكام القضائية مادام أن أصحابها قادرون على “شراء” العقوبة والإفلات من العقاب الذي أقره القانون الجنائي”.
ومن جهته، أكد عبد الله مسداد، الكاتب العام للمرصد المغربي للسجون، أنه “منذ انطلاق مناقشة مشروع قانون العقوبات البديلة في عهد الوزير مصطفى الرميد، كان هناك إجماع من طرف الحركة الحقوقية على أن مقتضى الأداء هو تمييزي، لن تستفيد منه إلا الفئات الميسورة”.
وأوضح مسداد أن “هذا المقتضى فيه جانب سلبي للتمييز، فمن له الإمكانيات المادية سيستفيد، ومن ليست له تلك الإمكانيات لن يستفيد”، مضيفا : “هذا ناهيك عن الحديث عن إشكال تطبيق هذا المقتضى”.
وبدوره، أفاد عبد الإله بنعبد السلام، منسق الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، بأن “القانون بشكل عام ليست الغاية منه التخفيف من الاكتظاظ، بل يجب أن يكون محكوما بفلسفة الإنصاف والمحاكمة العادلة وبمساواة المواطنين أمام القضاء”.
وشدد بنعبد السلام على أنه “لا بد أن يكون هناك أمر فلسفي وجوهري في تعديل أي قانون كيفما كان نوعه، وهو الإنصاف والمساواة.. وبالتالي، لا يمكن معالجة مشكل الاكتظاظ بإجراءات معزولة عن وضع تشريع يضمن إنصاف ومساواة المواطنين أمام القضاء”.
ونبه الفاعل الحقوقي ذاته إلى أن “شراء السجن” أو “الغرامة” هو “أمر فيه مخاطر، أبرزها أنه يمس الفئات الهشة والضعيفة التي ليس في مستطاعاها الاستجابة لهذا الأمر لحساب الفئات الميسورة”، مشددا على أن “القانون يجب أن يراعي كذلك المصلحة العامة، وذلك من خلال خلق فائدة للسجناء من حيث إعادة إدماجهم وتأهيلهم وتغيير صورة المجتمع بشأنهم حينما يقدمون منفعة عامة”.