المغرب منارة حقوق الإنسان في إفريقيا: تجربة ريادية تُلهم بوركينا فاسو والقارة السمراء

أخبار وطنية

بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

في خطوة تعكس بجلاء المكانة الريادية التي بات المغرب يحتلها على الصعيد الإفريقي والدولي في مجال حماية حقوق الإنسان، أعربت السيدة غوانتا أنيتا هارييت، رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ببوركينا فاسو، المتواجدة طيلة هذا الأسبوع بالمغرب ،عن رغبة بلادها في استلهام التجربة المغربية الرائدة في هذا المجال. تصريحها، الذي جاء خلال زيارة دراسية إلى الرباط، يحمل في طياته إشادة واضحة بنجاح النموذج المغربي، ويؤكد أن المملكة أصبحت مرجعا حقوقيا في القارة السمراء، إن لم نقل على الصعيد العالمي.

  • تجربة مغربية رائدة تستقطب اهتمام القارة

لم يكن تصريح المسؤولة البوركينابية مجرد مجاملة دبلوماسية، بل جاء ضمن سياق عملي يروم تعزيز قدرات اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في بلدها، والسعي لنيل الوضع “أ”، الذي يمثل أعلى درجة من الاعتراف المؤسساتي باحترام مبادئ باريس التي تنظم عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. وقد أوضحت أن المغرب، من خلال مجلسه الوطني لحقوق الإنسان، يشكل مرجعا أساسيا لمسعاها، وهو ما يثبت أن النموذج المغربي ليس فقط ناجحا، بل يُعتمد عليه كمصدر إلهام في بلدان أخرى، خصوصاً تلك التي تنشد ترسيخ الديمقراطية وحماية كرامة الإنسان.

  • ريادة مغربية في دعم التعاون جنوب-جنوب

ما يزيد من أهمية هذه الخطوة، هو أنها تأتي في سياق انفتاح مغربي استراتيجي على محيطه الإفريقي، حيث أكدت السيدة هارييت أن انفتاح المغرب على دول الساحل شكّل مصدر إلهام حقيقيا. وهذا يعكس بوضوح التزام المملكة بتعزيز التعاون جنوب-جنوب، ليس فقط على مستوى الاقتصاد والتنمية، ولكن أيضا في مجالات أساسية كحقوق الإنسان، الحريات الأساسية، والعدالة الانتقالية.

  • إشراف مغربي على بناء القدرات الإفريقية

من جهتها، أوضحت السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن المجلس المغربي سيشرع في استقبال عدد من المؤسسات الوطنية الإفريقية لتبادل الخبرات والممارسات الفضلى. والأهم من ذلك أن هذه المبادرة، التي تقودها بوعياش بصفتها أيضا رئيسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، تهدف إلى تمكين نظرائها الأفارقة من تطوير قدراتهم والحصول على الاعتراف الدولي اللازم، بما يسمح لهم بالاضطلاع بأدوارهم كاملة داخل منظومة حقوق الإنسان الدولية.

  • المغرب: من التلقي إلى التمكين

هذا التحول في دور المغرب من مجرد متلقٍّ للتجارب الدولية إلى فاعل ومصدر للخبرة والمعرفة الحقوقية، يدل على تطور مؤسساته، ونضج مقاربته في تدبير القضايا الحقوقية، حتى في ظل التحديات الأمنية والسياسية. كما أن انخراطه في تعزيز التجارب الإفريقية هو امتداد طبيعي لالتزامه الدائم بالدفاع عن القضايا العادلة وتكريس حقوق الإنسان كأحد أعمدة البناء المجتمعي والسياسي.

  • العدالة الانتقالية ومكافحة التعذيب: تجارب مغربية ملهمة

الوفد البوركينابي جاء أيضا للتعرف عن كثب على ممارسات المغرب في مجالات نوعية كـ العدالة الانتقالية، والوقاية من التعذيب، ومعالجة الشكايات، وهي كلها ملفات حساسة تتطلب استقلالية، مهنية، وتجربة متراكمة. والمغرب، بخبرته الطويلة في هذه المجالات، يقدم نموذجا فريدا في العالم العربي والإفريقي، وهو ما يجعله قبلة للوفود الراغبة في الاستفادة من مقاربته الحقوقية المتقدمة.

  • خلاصة

إن رغبة بوركينا فاسو في استلهام التجربة المغربية في مجال حقوق الإنسان ليست سوى دليل آخر على أن المغرب قد نجح، بفضل رؤية ملكية استراتيجية ومؤسسات قوية، في تحويل حقوق الإنسان من شعار إلى ممارسة، ومن مطلب إلى واقع مؤسساتي. وهو نجاح يكرّس ريادة المملكة ويجعل منها مثالا يحتذى، ليس فقط في إفريقيا بل على المستوى الدولي أيضًا.
وفي عالم لا تزال فيه الكثير من الدول تصارع من أجل وضع أسس صلبة لحماية كرامة الإنسان، يبرز المغرب كمنارة تُضيء الطريق، وتمنح الأمل، وتؤكد أن التغيير ممكن بالإرادة، الاستمرارية، والتعاون المثمر.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً