المغرب.. ريادة متجددة في قلب الشراكة الأوروبية الإفريقية في عهد الملك محمد السادس

أخبار وطنية

بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

في خضم التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي يعرفها العالم اليوم، يبرز المغرب كقوة إقليمية صاعدة وجسر استراتيجي بين أوروبا وإفريقيا، وهو ما أكده الفيلسوف والمفكر الفرنسي البارز جاك أتالي، خلال الدرس الافتتاحي للدورة العاشرة من اللقاءات الجيوسياسية في تروفيل (شمال فرنسا) يوم الجمعة 19 شتنبر 2025 ، حيث حلّ المغرب ضيف شرف هذا الحدث الرفيع.

جاك أتالي، المعروف بقراءاته العميقة وتحليلاته المستقبلية، لم يتردد في الإشادة بـ الريادة المغربية تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، معتبراً أن المغرب يحتل “مكانة خاصة جداً” في ديناميات التعاون بين القارتين الأوروبية والإفريقية، ليس فقط بحكم موقعه الجغرافي، بل أيضاً بفضل مقوماته الاستراتيجية ونموذجه التنموي الفريد.

  • رؤية ملكية استباقية

لقد تمكن المغرب، بقيادة جلالة الملك، من بناء نموذج تنموي يعكس مزيجاً متوازناً بين الحداثة والتقاليد، والفعالية الاقتصادية والاستقرار السياسي. وهي عناصر جعلت منه فاعلاً موثوقاً به، وشريكاً أساسياً في المعادلات الإقليمية والدولية.
ولا يمكن الحديث عن الريادة المغربية دون التوقف عند الطريقة المثلى التي تعاملت بها المملكة مع جائحة كوفيد-19، والتي اعتبرها أتالي مثالاً يُحتذى به في تعبئة الموارد وتوحيد الجهود وتفعيل التضامن المجتمعي. في وقت ارتبكت فيه كبريات الدول، أظهر المغرب نضجاً مؤسساتياً وإرادة سياسية قوية جعلته يخرج من الأزمة أكثر قوة وتماسكاً.

  • نموذج متجذر في الهوية ومتطلع نحو المستقبل

من خلال إشادته بـ”الهوية الراسخة” و”الاستقرار المؤسساتي” للمغرب، سلط جاك أتالي الضوء على ركيزتين أساسيتين في النموذج المغربي: الثبات الداخلي والانفتاح على الخارج. فالمملكة لا تكتفي بالحفاظ على أصالتها الثقافية والتاريخية، بل تسعى إلى توظيفها في بناء شراكات استراتيجية، تقوم على الندية والتكامل والمصالح المتبادلة، لا على منطق التبعية أو الهيمنة.
كما أشار إلى المؤهلات البيئية الهائلة التي يتوفر عليها المغرب، لا سيما في مجال الطاقات المتجددة، حيث أصبحت المملكة رائدة إقليمياً وعالمياً، وهو ما يندرج ضمن الرؤية الملكية الحكيمة للانتقال الطاقي المستدام.

  • جسر حضاري بين القارتين

الحضور المغربي في قلب النقاشات الجيوسياسية الأوروبية، خاصة في لقاءات تروفيل، يعكس مكانته كجسر حضاري وثقافي بين الشمال والجنوب. إنها ديبلوماسية ذكية تمزج بين الفعل الميداني والرؤية بعيدة المدى، جسّدها الحضور الفعال لسفيرة المملكة في باريس، السيدة سميرة سيطايل، ومشاركة نخبة من الباحثين والدبلوماسيين، في حوار يعيد ترتيب أوراق العلاقة بين أوروبا وإفريقيا على أسس جديدة.

المغرب لم يعد فقط نقطة عبور، بل فاعل استراتيجي في صياغة مستقبل القارة الإفريقية وفي دعم استقرار أوروبا، خصوصاً من خلال ملفات الهجرة، الأمن، مكافحة الإرهاب، والتنمية المشتركة.

  • الاعتراف الدولي بريادة المغرب

اختيار المغرب كـ”ضيف شرف” لهذه التظاهرة الفكرية الدولية ليس صدفة، بل هو اعتراف دولي صريح بالمكانة المتقدمة التي باتت المملكة تحتلها على خارطة العلاقات الدولية. فقد أشار مؤسس هذه اللقاءات، فريدريك إنسيل، إلى أن “المغرب يشهد صعوداً قوياً وملموساً”، معتبراً إياه “بلداً صديقاً، فرنكفونياً، وقريباً جداً من فرنسا”.

بل وأكثر من ذلك، فقد شدد على دعم فرنسا الكامل لـ”سيادة المغرب على صحرائه”، ما يعكس التحول الإيجابي في المواقف الأوروبية تجاه القضايا الاستراتيجية للمملكة.

  • ملكية حكيمة تصنع المستقبل

إن ما تحقق اليوم من إنجازات للمغرب على الساحة الدولية لم يكن ليتأتى لولا الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي جعل من تعزيز الشراكات جنوب-شمال، وتكريس العمق الإفريقي للمملكة، خياراً استراتيجياً لا رجعة فيه.
وفي عالم يعاني من التفكك وغياب الرؤية، يواصل المغرب، بقيادة ملكه، السير بثبات نحو المستقبل، حاملاً معه رسالة تعاون، واستقرار، وتنمية شاملة.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً