يبدو أن السيدة نائبة رئيس جماعة أكادير المفوضة في الثقافة، صاحبة تصريح “ساكنة أكادير إرحلي”، لا تُقدر خطورة كلام صدر من مسؤولة في مؤسسة دستورية، وداخل اجتماع رسمي، وفي مدينة العلم والثقافة والانبعاث. إننا أمام حدث إهانة الثقافة من داخل مؤسسة دستورية.
لو كانت السيدة النائبة تعي خطورة ما قامت به، لسارعت لتقديم استقالتها، بعد اعتذار صريح وليس اعتذارها الذي لم يعتذر. ولو كان المجلس الجماعي لمدينة أكادير، يُقدر حجم مسؤوليته فيما حدث، ويَحْمِل ولو القليل من التقدير لساكنة أكادير، لنشر بيانا باسم الحزب وباسم الجماعة، يُقدم فيه اعتذاره البالغ لساكنة أكادير ولكل من أساءه التصريح المشين للسيدة النائبة.
مسؤولية حزب السيد رئيس المجلس الجماعي قائمة بخصوص التصريح المشين لمسؤولة الثقافة. فهو من أعطاها التزكية لخوض غمار الانتخابات، وهو من وضعها في المراتب الأولى في اللائحة، وهو من أسند لها التفويض في الثقافة. ونحن ساكنة أكادير نتساءل: هل بَلَغت المدينة من العقم ما يجعل حزب السيد رئيس المجلس الجماعي يختار هذا المستوى في التدبير الجماعي؟
نتساءل كذلك: أي ثقافة ستتطور في مدينة الانبعاث، بعد هذا التصريح المشين من المسؤولة على قطاع الثقافة في مدينة المثقفين؟
إن واقع الحال أعمق من أن نعتبر تصريح السيدة النائبة مجرد فلتة لسان، أو خطأ في التعبير أو خانتها الكلمات. إن تصريح السيدة النائبة يعكس ثقافة حزبية رديئة، وضعفا لحزبها في التكوين السياسي للمواطنين كما ينص عليه دستور المملكة الشريفة.
إنها ليست فلتة لسان فحسب، بل هي ثقافة حزبية مقلقة.
فبعد التصريح المشين، قدمت السيدة النائبة اعتذارا فايسبوكيا، وكأننا نشاهد لقطة دنكيشوتية من فيلم الخيال العلمي. وحتى الاعتذار الفيسبوكي يعكس ثقافة الحزب التي تمجد الرئيس ولا تؤمن بالاختلاف ولا بتنوع الأفكار والآراء، وهو ما يعكسه حديثها عن “التبخيس” في تدوينة الاعتذار. وكأن ثقافة الاستعلاء في سماء القفزات البهلوانية، منحوتة في تكوين أعضاء الحزب.
وتبقى التوتة فوق الحلوى كما يقول المثل الفرنسي (La cerise sur le gâteau) هو اعتذار السيدة النائبة في الجلسة الثانية من دورة ماي، حيث تحدثت عن “العدميين” بدل تقديم اعتذار واضح وصريح. ومما زاد الدهشة والاستغراب، تدخلات بعض نواب رئيس المجلس الجماعي في نفس الاجتماع. وهي المداخلات التي لم تُدرك هي الأخرى، خطورة التصريح الذي يتطلب اعتذارا رسميا من الحزب ومن رئيس الجماعة. إنها فعلا ثقافة حزبية جديرة بعرضها على المدرسة “الكافكاوية” لتفكيك خيوطها، لعلنا نفهم هذا النوع من الممارسة السياسية التي لا تليق بمدينة من حجم وتاريخ مدينة أكادير.
إنه اعتذار سياسة حزب بلغة التبخيس والعدمية، وليس بلغة حزب مسؤول يحترم صوت الناخب.
نحن في مدينة أكادير نفهم قفزات “الرمى” التي يقوم بها “صحاب سيدي موسى”، لأننا كبرنا في مشاهدة تلك القفزات في السماء التي تثير إعجابنا. لكننا لا نفهم مثل هذه القفزات السياسية التي عَبَّرت عنها السيدة النائبة تارة بقولها “التبخيس” وتارة بقولها “العدميين”. فمتى يُطوِّر حزب السيد رئيس المجلس الجماعي تكوينه لأعضائه، ليدركوا أن السياسة ليست هي المديح للرئيس، ولا ترانيم الوصولية على إيقاع الطعريجة والبندير، وإنما السياسة هي النقد والراي بالرأي والقرار مقابل القرار وأخيرا التنوع في الأفكار.
مدينة أكادير تستحق على رأس مجلسها الجماعي حزبا متشبعا بروح الديمقراطية، وليس بمنطق الولاء للسيد الرئيس.
حين يصير حزب السيد رئيس جماعة أكادير يحمل هذا البعد السياسي، ويؤطر به أعضائه، آنذاك يمكن أن نتحدث عن مسؤولة حقيقية مفوضة في الثقافة.
وإلى ذاك الحين لا نملك سوى الانتظار…لعل شمسا جديدة تشرق في شاطئ مدينة الانبعاث، بدل ظلام “ساكنة أكادير إرحلي” ولا حق لك في الاعتذار الصريح.
سعيد الغماز-كاتب وباحث
التعاليق (1)
RNI C’est notre faute , c’est nous qui avons voté pour la partie de