صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب من لهجته تجاه الملياردير إيلون ماسك، ودعاه بشكل ساخر إلى “إغلاق دكانه والعودة إلى موطنه في جنوب إفريقيا”، في هجوم علني وغير مسبوق يعكس تصاعد التوتر بين السياسة والمال في المشهد الأميركي. وهاجم ترامب في منشور على منصته “تروث سوشيال” ما اعتبره استفادة مفرطة لشركات ماسك من الدعم الحكومي، مؤكداً أن الأخير “يحصل على إعانات تفوق ما ناله أي شخص في التاريخ”، وأنه لولا هذه الأموال “لما وُجدت لا تسلا ولا سبيس إكس ولا أقمار صناعية ولا صواريخ”.
واعتبر ترامب أن تفويض المركبات الكهربائية الذي تستفيد منه شركة تسلا يعدّ “سخيفاً” و”جزءاً من حملة إجبارية غير عادلة”، مؤكداً أن السيارات الكهربائية جيدة في حد ذاتها، لكن لا ينبغي فرضها على الجميع. وذكّر بأن معارضته لهذا التفويض كانت دائماً من ثوابت حملته الانتخابية، قبل أن ينتقل إلى اتهام ماسك باستنزاف ميزانية الدولة عبر عقود الدعم والتحفيز التي امتدت على مدى سنوات.
وطالب ترامب في منشوره إدارة الكفاءة الحكومية بإجراء “تدقيق شامل” في حجم المساعدات التي حصلت عليها شركات ماسك، معتبراً أن وقف هذا النزيف المالي يمكن أن يوفر “ثروة طائلة” للخزينة الفيدرالية. ووفق تقارير إعلامية من بينها رويترز والعربي الجديد، فإن مجموع ما استفاد منه ماسك من دعم حكومي خلال العقدين الماضيين يقدّر بنحو 38 مليار دولار.
وردّ ماسك بسرعة عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس”، قائلاً: “ألغوا كل شيء الآن”، في إشارة إلى استعداده لقبول إلغاء كامل للدعم الحكومي، قبل أن يضيف متسائلاً: “ما فائدة سقف الدين إذا كنا نواصل رفعه؟ كل ما أطلبه هو ألا نُفلس أمريكا”.
ويأتي هذا التراشق الكلامي في وقت حساس تتصاعد فيه الخلافات حول السياسة المالية الأميركية، خاصة مع قرب الاستحقاقات الانتخابية، حيث يسعى ترامب إلى تقديم نفسه كمدافع عن التقشف والسيادة المالية، في مقابل ماسك الذي يمثل نموذجاً لرأس المال التكنولوجي المعتمد جزئياً على التمويل الحكومي.
ولا تبدو هذه المواجهة مجرد خلاف شخصي، بل تجسّد صراعاً أعمق حول مستقبل الاقتصاد الأميركي بين من يفضل العودة إلى نموذج الصناعة التقليدية وتقليص الدعم، ومن يرى في الابتكار العلمي والتكنولوجي رهاناً استراتيجياً يتطلب استثماراً طويل الأمد. ويبقى هذا الصدام مرشحاً للتصاعد، خاصة أن كلاً من ترامب وماسك يتمتع بنفوذ إعلامي واسع، وقدرة على التأثير في الرأي العام، ما يجعل من هذه القضية مادة دسمة في المشهد السياسي الأميركي الراهن.
التعاليق (0)