بقلم : أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة
- حكومة لوكورنو الجديدة تؤكد حضور مغاربة العالم في مواقع المسؤولية
أثار الإعلان عن الحكومة الفرنسية الجديدة برئاسة سيباستيان لوكورنو اهتمامًا واسعًا، ليس فقط بسبب الظرف السياسي الدقيق الذي تعيشه فرنسا، بل أيضًا بفضل الأسماء التي ضمتها التشكيلة الحكومية.
ومن بين أبرز هذه الأسماء، برزت نعيمة موشتو، الوزيرة الجديدة المكلفة بملف التحول والوظيفة العمومية والذكاء الاصطناعي والرقمنة، إلى جانب الوزيرة رشيدة داتي التي حافظت على حقيبة الثقافة.
هذان الاسمان يشكلان امتدادًا طبيعيًا لمسار التألق الذي تبصمه الكفاءات المغربية في فرنسا منذ عقود، ويعكسان عمق الحضور المغربي في المشهد السياسي والثقافي الفرنسي.
- من ورزازات إلى باريس… قصة امرأة صنعت ذاتها
تمثل نعيمة موشتو، ذات الأصول المغربية (من مدينة ورزازات)، نموذجًا ملهمًا للمرأة المغربية التي جمعت بين الأصالة والحداثة، وبين الهوية والانفتاح.
رحلتها من أحياء بسيطة إلى قاعات القرار الحكومي الفرنسي تروي قصة نجاح نادرة، بطلتها امرأة عملت في الظل قبل أن تتبوأ مركزًا يتطلب معرفة تقنية عالية وخبرة في مجالات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
اختيارها على رأس هذا القطاع الحساس لا يعكس فقط ثقة الحكومة الفرنسية بكفاءتها، بل يبرز أيضًا مكانة المرأة المغربية في المهجر، وقدرتها على المنافسة في مجالات معقدة كانت إلى وقت قريب حكرًا على النخب التقنية في الغرب.
- رشيدة داتي… استمرارية في الحضور والرمزية
من جانبها، تواصل رشيدة داتي ( التي كانت أول وزيرة عدل فرنسية من أصول مغاربية ) حضورها القوي في المشهد السياسي الفرنسي، بعد أن جدد الرئيس ماكرون ثقته فيها لتتولى مجددًا وزارة الثقافة.
بهذا التعيين، تتأكد الاستمرارية الرمزية للكفاءات ذات الجذور المغربية في قلب القرار الفرنسي، حيث يجتمع في شخص داتي ومشتو نموذج مزدوج:
الأولى تمثل رصانة التجربة السياسية، والثانية تجسد جيلًا جديدًا من النساء القادمات من مجالات التكنولوجيا والرقمنة وهي اصلا محامية بارعة .
- الجالية المغربية… فخر للوطن في الخارج
لقد تلقت الجالية المغربية عبر العالم، وخصوصًا في أوروبا، هذه التعيينات بكثير من الفخر والاعتزاز، معتبرة إياها انتصارًا رمزيًا لكل مغربية ومغربي رفع راية العمل الجاد والنجاح في ديار المهجر.
فهؤلاء الوزراء والمبدعون والعلماء ليسوا استثناء، بل يمثلون آلاف القصص اليومية لمغاربة يسهمون في بناء مجتمعاتهم الجديدة، ويحتفظون في الوقت ذاته بروابطهم الوثيقة بوطنهم الأم.
إن إشادة الجالية المغربية بهذه الوجوه النسائية لا تأتي من فراغ؛ فهي دليل على أن المرأة المغربية، سواء في الوطن أو في الخارج، باتت عنصرًا فاعلًا في التنمية، وواجهة مشرقة لصورة المغرب في العالم.
- رمزية تتجاوز السياسة
إن وجود وزراء من أصول مغربية في الحكومة الفرنسية ليس مجرد حدث سياسي، بل هو رمز للتنوع والاندماج الإيجابي، ورسالة قوية مفادها أن الانتماء لا يُقاس بالجغرافيا بل بالعطاء.
فكل نجاح تحققه مغربية في المهجر، هو نجاح للوطن بأكمله، ورسالة أمل لجيل جديد من الشباب المغربي في الداخل والخارج بأن الاجتهاد والمعرفة هما طريق الاعتراف والاحترام.
- خاتمة
من ورزازات إلى باريس، ومن طنجة إلى مونتريال، يواصل مغاربة العالم كتابة قصة نجاحهم الهادئة التي تتجاوز الحدود واللغات.
إنهن نساء يجسدن روح المغرب في أبهى صورها (إصرار، ذكاء، وكرامة ) يرفعن اسم بلدهن في أعلى المراتب، ويؤكدن أن المغربيات في كل مكان لسن فقط سفراء وطنهن، بل سفراء الإصرار الإنساني نفسه.
التعاليق (0)