جاء مشروع قانون المالية لسنة 2026 محملا بحزمة من التدابير الجبائية الجديدة التي تستهدف تعزيز الشفافية المالية، ومحاربة “اقتصاد الظل”، واستكمال ورش الإصلاح الضريبي في السنة الأخيرة من الولاية الحكومية الحالية.
ويضع المشروع، الذي يناقش حاليا داخل مجلس النواب، في صلب أولوياته توسيع قاعدة الوعاء الضريبي وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال “تمديد تطبيق المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخول”.
إدماج القطاع غير المهيكل في المنظومة الاقتصادية
خصص مشروع المالية جزءا مهما من مقتضياته لمحاربة القطاع غير المهيكل الذي لا يزال يثقل كاهل الاقتصاد الوطني.
وفي هذا السياق، أكد المشروع على أن تقليص مساهمة هذا القطاع في الناتج الداخلي الخام يشكل “صدارة الأولويات”، من خلال تدابير صارمة تستهدف الحد من المعاملات غير المصرح بها وتعزيز شفافية الأداءات.
وتهدف هذه التدابير إلى إدماج الأنشطة غير الرسمية في المنظومة الاقتصادية المنظمة، بما يساهم في تنمية الموارد الجبائية وتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني.
التماسك الاجتماعي: “استمرارية التضامن”
في بعده الاجتماعي، يكرس مشروع قانون المالية 2026 مبدأ التضامن الوطني عبر “تمديد تطبيق المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخول”.
ويهدف هذا الإجراء إلى استدامة تمويل المشاريع الاجتماعية ودعم ورش الحماية الاجتماعية الذي يعد من أهم الأوراش الملكية، كما يترجم التمديد التزام الدولة بمواصلة الجهود لتحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق بين مختلف الفئات.
تضريب عائدات كراء العقارات
من أبرز المستجدات الجبائية التي جاء بها مشروع قانون المالية الجديد توسيع نظام الحجز في المنبع، إذ سيشمل “مكافآت الخدمات المقدمة من لدن بعض الأشخاص الاعتباريين” إلى جانب “عائدات كراء العقارات”.
ويهدف من هذا الإجراء إلى ضمان اقتطاع الضريبة في منبعها، وتقليص فرص التهرب الضريبي التي ترافق بعض المعاملات غير المصرح بها.
وإلى جانب ذلك، ينص المشروع على فرض “واجب تسجيل إضافي بنسبة 2% على عقود التفويت بعوض للعقارات أو الأصول التجارية التي تتم دون إمكانية إثبات وتتبع وسائل الأداء”، وهو إجراء رادع يهدف إلى تشجيع استخدام القنوات المالية الرسمية في الصفقات الكبرى.
الاستثمار في الرياضة: دعم جديد للنهضة الرياضية
في سياق دعم الاقتصاد الوطني، يسلط المشروع الضوء على تشجيع الاستثمار في الشركات الرياضية بالمغرب، انسجاما مع الدينامية الرياضية التي تعرفها المملكة، حيث ينتظر أن يسهم هذا التوجه في تحفيز الرأسمال الوطني على الدخول بقوة في قطاع بات واعدا اقتصاديا واستثماريا.
ولتعزيز جاذبية المغرب لدى المستثمرين، تقترح الحكومة في مشروع مالية 2026 ملاءمة الآجال الإضافية للإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة لأموال الاستثمار، وذلك بهدف
تبسيط المساطر سواء داخل التراب الوطني أو عند الاستيراد.
وبذلك، يبدو أن مالية 2026 ستشكل محطة مفصلية في مسار الإصلاح الجبائي بالمغرب، إذ تجمع بين الصرامة في محاربة التهرب الضريبي والمرونة في تحفيز الاستثمار، مع الحفاظ على الطابع الاجتماعي للسياسات العمومية، بما يضمن إرساء توازن جديد بين العدالة الجبائية والنمو الاقتصادي المستدام.
