“ماء العينين دومبيا”.. حين يصبح اللاجئ من النيجر “قائدًا صحراويًا” في رواية البوليساريو

أخبار وطنية

!بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

في آخر تجليات العبقرية السياسية والعسكرية لجبهة البوليساريو، ظهر اسم جديد يضاف إلى قائمة “المناضلين الأسطوريين” الذين لا علاقة لهم بالصحراء، لا من قريب ولا من بعيد: موديبو دومبيا، شاب من النيجر، تحوّل بقدرة قادر إلى “المناضل ماء العينين بلال”، بفضل ماكينة التزوير الهووي التي تعمل على مدار الساعة في مخيمات تندوف.
القصة باختصار تصلح لأن تُدرّس في كتب الخيال السياسي. دومبيا، اللاجئ الهارب من نار الجماعات المسلحة في النيجر، وجد نفسه في أحضان جبهة تقول إنها “تحرر الصحراء”، لكنها في الواقع تحرر الهويات وتوزع الأنساب على من يشاءون. ما إن وطأت قدماه تين زواتين حتى بدأت عملية “إعادة التشكيل”: اسم جديد، لهجة جديدة، وهوية جاهزة بختم “الجمهورية الصحراوية” التي لم يرها أحد إلا في نشرات الأخبار.
من “لاجئ نيجري” إلى “قائد صحراوي”.. خطوة صغيرة في قاموس البوليساريو، لكنها قفزة نوعية في عالم الكوميديا السياسية. يتعلم دومبيا الحسانية، يدخل مدارس الجبهة، يُلقّن دروسًا في “تاريخ الصحراء” الذي لم يزرها قط، ثم يُعاد تصديره كمجند يحمل بندقية مستوردة من الجزائر وحلمًا مستعارًا من الدعاية الانفصالية.
أما الجائزة الكبرى؟
بيت جاهز في العيون المغربية بعد “تحريرها”، حسب ما وعدته الجبهة! يبدو أن الرجل صدّق أن المغرب سيقف متفرجًا بينما توزع قيادة البوليساريو منازل العيون على المتطوعين الأفارقة.
الطريف أن هذه ليست حالة استثنائية، بل نموذج مكرر: جبهة تبحث عن مقاتلين أكثر من بحثها عن الحل السياسي، فتمدّ شباكها في إفريقيا جنوب الصحراء، لتجند شبابًا يائسين تحت وعود خيالية، ثم تقدمهم للعالم كـ”صحراويين أصليين” يقاتلون من أجل “تقرير المصير”.
في النهاية، موديبو دومبيا ، أو ماء العينين بلال كما يحب أن يُنادى ، ليس سوى مرآة تعكس مأساة كبرى: مشروع فقد كل جذوره، وصار يعتمد على تأجير الهويات بدل الدفاع عنها.
إنها بوليساريو القرن الواحد والعشرين: خليط من مرتزقة، وأسماء مستعارة، وأحلام مؤجلة على أرض ليست لهم.
ويبقى السؤال الساخر الأخير:
إذا استمرّ هذا النسق، فهل سنرى قريبًا “جون سميث ولد البخاري” من تكساس يتحدث الحسانية ويطالب بمقعد في برلمان “الجمهورية الوهمية”؟
في تندوف، كل شيء ممكن… حتى المعجزات الجغرافية!