في خضم النقاش البرلماني حول مشروع قانون المالية لسنة 2026، كشفت الفرق والمجموعة النيابية المعارضة بمجلس النواب عن حزمة من التعديلات على مشروع قانون المالية لسنة 2026، والتي جاءت متقاربة إلى حد كبير.
وفي هذا السياق، تقاطعت مقترحات المعارضة في الدعوة إلى فرض “ضريبة سنوية على الثروة” وإعفاء الكتاكيت والأعلاف المركبة من رسوم الاستيراد، مع منح تفضيلات جبائية للشركات المستثمرة في مجالي الصحة والتعليم بالعالم القروي.
تعديلات المعارضة: من العدالة والتنمية إلى اليسار
قدمت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية أكبر عدد من التعديلات، بلغ 122 تعديلا، تلتها المعارضة الاتحادية (الفريق الاشتراكي) بـ 73 تعديلا، ثم الفريق الحركي والنائبة فاطمة التامني عن فدرالية اليسار بـ 46 تعديلا لكل منهما، فيما تقدم فريق التقدم والاشتراكية بـ 38 تعديلا.
وفي المقابل، لم تتجاوز مجمل تعديلات فرق الأغلبية 23 تعديلا، ما يعكس دينامية المعارضة في هذا النقاش المالي الحاسم، ويبرز في الوقت ذاته تمسك الأغلبية بخيارات الحكومة وتوجهاتها الكبرى في مشروع القانون.
إعفاءات وتعديلات ذات بعد اجتماعي
اقترح الفريق الحركي إعفاء الكتاكيت والأعلاف المركبة من رسوم الاستيراد لمدة سنتين (2026-2027)، دعما لقطاع الدواجن وتقليصا لتكاليف الإنتاج، كما دعا إلى منح الشركات المستثمرة في المناطق القروية والجبلية إعفاء من الضريبة خلال السنوات الخمس الأولى من نشاطها، في محاولة لتشجيع الاستثمار في الجهات الأقل نموا.
ومن جهته، ركز الفريق الاشتراكي على البعد الاجتماعي، مقترحا إعفاء مؤسسات الأعمال الاجتماعية والإدارات العمومية ذات الطابع الخدمي من الضرائب، إلى جانب إعفاء العربات المخصصة للنقل المدرسي التي تملكها الجماعات الترابية أو الجمعيات.
أما النائبة فاطمة التامني، فقد دعت إلى إعفاء الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية الموجهة للقطاع العام من رسوم الاستيراد، وضمان أن يصل هذا الإعفاء إلى المستهلك النهائي، مع تخفيض ميزانية وزارة الداخلية لصالح المشاريع ذات الطابع الاجتماعي.
“ضريبة الثروة” لتقليص الفوارق
أثار مقترح إحداث “ضريبة سنوية على صافي الثروة” اهتماما واسعا داخل قبة البرلمان، إذ نص التعديل المقترح على أن تفرض الضريبة على الأشخاص الطبيعيين المقيمين في المغرب الذين تفوق ثروتهم 50 مليون درهم، وتطبق فقط على الجزء الذي يتجاوز هذا السقف.
وفي هذا السياق، اقترح الفريق الحركي أن تخصص نصف حصيلة هذه الضريبة لـ”صندوق التماسك الاجتماعي” لتمويل المشاريع الاجتماعية ومحاربة التفاوتات المجالية، في حين وسع فريق التقدم والاشتراكية نطاق الثروة الخاضعة للضريبة لتشمل العقارات، والأصول التجارية، والودائع البنكية، والحلي والمجوهرات، والتحف الفنية، وحتى الميراث.
دعم الطاقة النظيفة والتعليم والصحة
قدمت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية أكبر عدد من التعديلات، واقترحت عبرها الإعفاء من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم على لوحات الطاقة الشمسية الموجهة للفلاحة ومدخلات الصناعة الدوائية والأدوية، ثم المستلزمات الطبية الموجهة للاستعمال البشري أو البيطري أو الفلاحي، فضلا عن مبيدات معينة للقوارض والحشرات والفطريات والأعشاب الضارة.
وإضافة إلى ذلك، اقترحت المجموعة إعفاء أجنة العجول والعجول حديثة الولادة ومسحوق الحليب من الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد، مقابل فرض تضريب داخلي على وسائل تعبئة السجائر الإلكترونية والأجهزة المماثلة، في توجه يروم الحد من انتشارها وتقليل الإقبال عليها.
وفي الإطار نفسه، طالبت المعارضة بتخصيص خصم ضريبي بنسبة 15% لفائدة الشركات التي تستثمر في مجالي الصحة والتعليم بالعالم القروي والمناطق الجبلية.
وتظهر هذه التعديلات سعي المعارضة إلى خلق توجه جديد في السياسة الجبائية ودعم القطاعات الحيوية، من الفلاحة والتعليم إلى الصحة والطاقة النظيفة، في حين تبقى الكلمة الأخيرة للحكومة، التي ستحدد مآل هذه المقترحات خلال المسار التشريعي لقانون المالية لسنة 2026.


التعاليق (0)