شهدت منصات التواصل الاجتماعي المغربية، خاصة “فيسبوك”، حملة واسعة ومكثفة يطالب فيها المواطنون بضرورة إلغاء الساعة الإضافية (التوقيت الصيفي الدائم). ويؤكد المغاربة، من مختلف الفئات، أن اعتماد هذا التوقيت يمثل عبئاً يومياً حقيقياً، مُسلطين الضوء على انعكاساته السلبية المباشرة على الصحة العامة ونوعية الحياة.
و يُشير المتضررون إلى جملة من المشاكل الصحية والنفسية التي تُلاحقهم بسبب التوقيت غير الطبيعي، أبرزها اضطرابات حادة في دورة النوم وصعوبة بالغة في الاستيقاظ، مما يؤدي إلى تراجع ملموس في مستويات التركيز والإنتاجية سواء في فضاءات العمل أو قاعات الدراسة. كما تبرز مخاوف جدية تتعلق بزيادة المخاطر المرورية والحوادث في ساعات الصباح الباكرة.
من جهة أخرى، سلّطت العديد من الأمهات الضوء على تأثير الساعة الإضافية على الأطفال، مؤكدات معاناتهم من صعوبة التكيف مع هذا التوقيت، الأمر الذي ينعكس سلباً على تحصيلهم الدراسي وسلوكهم اليومي، ويضاعف الضغط التنظيمي على الأسر.
لم يقتصر الجدل على الشارع المغربي فحسب، بل وصل إلى قبة البرلمان، حيث أعاد فريق حزب الأصالة والمعاصرة (PAM) بمجلس النواب طرح القضية، مُطالباً الحكومة بـ مراجعة شاملة لنظام التوقيت الصيفي الدائم.
وأكد الفريق السياسي أن العديد من الدراسات الوطنية والدولية قد أثبتت بالفعل التأثير السلبي للتوقيت الصيفي على الساعة البيولوجية للمواطنين. والأهم، أشاروا إلى أن المكاسب الطاقية التي كانت مُعلنة كسبب رئيسي لاعتماد هذا التوقيت لم تتحقق بالشكل المأمول، مما يعمق الجدل الشعبي والسياسي حول جدوى استمرار العمل به.
إن هذا المطلب الشعبي والسياسي المتزايد يُشكل دليلاً واضحاً على حجم التضرر الذي لحق بالصحة العامة وجودة الحياة اليومية للمواطن المغربي. ويُجدد النقاش الوطني حول ضرورة إعادة النظر في هذا النظام لضمان التوازن الضروري بين الإنتاجية والرفاه الاجتماعي، لا سيما في ظل التوجهات الدولية المتزايدة نحو تبسيط السياسات الزمنية وإعطاء الأولوية لحماية صحة المواطنين.
وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع الجهود الأوروبية المُتسارعة لإنهاء ممارسة تغيير الساعة، حيث تتصدر إسبانيا، عبر رئيس وزرائها بيدرو سانشيز، هذه الجهود، داعية الاتحاد الأوروبي إلى إنهاء العمل بالتوقيت الصيفي والشتوي مرتين سنوياً، وهو ما يعكس تحولاً عالمياً نحو تثبيت التوقيت حماية لصحة المجتمعات.
