صرخة العدالة من ميدلت: حقوقيون يطالبون بالكشف عن الحقيقة الكاملة لوفاة الراعي محمد

أخبار وطنية

تتواصل فصول مأساة الراعي القاصر محمد بويسلخن، المنحدر من جماعة أغبالو أسردان بإقليم ميدلت، وسط تنامي المطالب الحقوقية بكشف الحقيقة كاملة بشأن ظروف موته الغامضة.

وكان الطفل البالغ قيد حياته من العمر 15 سنة، قد عثر عليه جثة هامدة في مكان ضيق لا يتجاوز المتر الواحد، والحبل ملتف حول عنقه، في مشهد أثار صدمة واستغراب الرأي العام المحلي والوطني، خاصة مع ما وصف بكونه “تسرعا” في تبني رواية “الانتحار”.

وعرف هذا الملف تطورات لافتة بعدما تبنته جمعيات معروفة، بينها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والتي عقدت ندوة صحافية بمقرها في العاصمة الرباط، بحضور عائلة الضحية، حيث تقديم تقرير من إعداد “لجنة الحقيقة والمساءلة”.

وفي هذا السياق، شدد الحقوقي كبير قاشا، المتحدث باسم اللجنة،  على استبعاد فرضية الانتحار، واصفا الحادث بأنه “جريمة بشعة تخفيها رواية هشة وغير منطقية”، وأضاف متسائلا: “هل ينتحر طفل جاثيا على ركبتيه في مساحة لا تتعدى مترا وعشرين سنتيمترا؟ هل يمكن لمنتحر أن يبدو في وضعية استراحة؟”..

وكشف المتحدث باسم اللجنة التي تضم 12 فرعا من أكبر الجمعيات المغربية المدافعة عن حقوق الإنسان، أن التشريح الطبي أجري في غياب تام لعائلة الطفل، على عكس ما أُبلغت به الأم، إذ كان مقررا حسب تصريحها إجراؤه يوم الجمعة، بينما أُجري فعليا يوم الثلاثاء، أي يوما واحدا بعد العثور على الجثة، دون علم ذوي الفقيد.

وفي سياق متصل، ندد قاشا بما وصفه بـ”التقصير في التعامل مع الأدلة الجنائية” و”الاستخفاف بحماية مسرح الجريمة”.

من جهتها، تحدثت والدة محمد، تودا، باللغة الأمازيغية، مؤكدة رفضها القاطع لفكرة انتحار ابنها، وقالت إن العائلة بدأت تصدق الرواية الرسمية في البداية، إلى أن ظهرت صورة جثته المتداولة عبر الإنترنت، وهو جاث على ركبتيه، ما جعلها تشكك في كل ما قيل سابقا.

وقالت ذات المتحدثة : “ابني لم ينتحر… كان ينتظر بفارغ الصبر أن أشتري له دراجة يوم الأحد… كيف لطفل يخطط لشيء يحبه أن يقدم على الانتحار؟”.

ومن جهة أخرى، أوردت الأم معطيات مثيرة تتعلق بالمتهم الرئيسي، وهو صاحب ضيعة كان قد هدد ابنها سابقا بعدما رعى أغنامه في أرضه، مشيرة إلى أنها تتلقى التهديدات هي وأبناؤها الآخرين يوميا، مضيفة: “أخاف حتى من الخروج لجلب الماء، لأن لديه سلاحا ناريا”.

وبدوره، أكد الأب أن هناك شهودا على الواقعة، لكنهم يخشون التبليغ، موضحا أن عناصر الوقاية المدنية رفضت نقل الجثة قبل حضور الشرطة العلمية، لكن أخ المشتبه فيه أقدم على نقلها من مكان الوفاة الأصلي، مما يشكل – حسبه – “تلاعبا واضحا بمسرح الجريمة”.

وتأتي هذه التطورات في وقت يصر فيه الحقوقيون وأفراد العائلة على المطالبة بإعادة فتح الملف ومحاسبة المسؤولين عما يصفونه بكونه “جريمة اغتيال لطفل بريء، دفعت أسرته ثمنا باهظا من الألم والخوف والخذلان”.