شبكة G5 بالمغرب بين طموحات التنمية وأنانية الربح

العلوم والتكنولوجيا


في نفس اليوم أعلن الفاعلون الثلاثة عن إطلاق خدمات الجيل الخامس للهاتف النقال في المغرب. لكن الملاحظة المثيرة هي أن الفاعلين الثلاثة اتصالات المغرب وأورانج وإنوي، لم يوضحوا لزبائنهم خريطة المناطق التي تشملها تغطية الجيل الخامس. بلاغات الفاعلين الثلاثة تحدثت عن تغطية المدن الكبرى، وأحد البلاغات تحدث عن تغطية 100 مدينة دون إعطاء لائحة مفصلة عن هذا العدد الكبير من المدن.

الاهتمام بدرجة تغطية الفاعلين الثلاثة لمختلف مناطق المملكة الشريفة بشبكة الجيل 5، نابع من الحرص على أن تكون هذه الشبكة رافعة للجيل الجديد من المشاريع التنموية التي أطلقها جلالة الملك. شبكة G5 هي فرصة لاختصار الزمن التنموي، ورافعة للتنمية في بلادنا.

خدمات الجيل 5، تتوافق مع التوجهات التنموية التي تشهدها بلادنا، وتندرج في إطار التوجه العام لبلادنا من أجل تحقيق تنمية قائمة على الرقمنة والذكاء الاصطناعي، كخيارات بنيوية لتحقيق الطفرة التنموية التي تشتغل عليها بلادنا منذ أكثر من عقدين. وشبكة الجيل 5 هي فرصة لنقل المغرب لمصاف الدول الصاعدة التي عرفت كيف تتعامل مع التقنيات الحديثة.

على هذا الأساس، ينبغي تنبيه الفاعلين الثلاثة، بأن يشتغلوا على تطوير شبكة الجيل 5 من منظور تنموي، يخدم التنمية في بلادنا، ويبتعد عن أنانية الربح الذي يخدم فقط رقم معاملات شركات الاتصالات. هذه الشركات يجب أن لا تعمل على تركيز تغطية هذه الشبكة، فقط في المناطق التي تعرف كثافة في استعمال خدمات G5.

من حق الشركات الثلاثة البحث عن الربح، وتحقيق رقم معاملات قادر على تغطية التكاليف المرتفعة التي تتطلبها شبكة الجيل 5. لكن هذه الشركات، راكمت أموالا كبيرة خلال تواجدها في السوق المغربية، وعليها أن تعتمد استراتيجية التعويض، بمعنى تعميم شبكة الجيل 5 على جميع التراب المغربي (المناطق الراقية والمناطق الشعبية-المجال الصناعي والمجال الفلاحي…)، فيكون الربح مرتفعا في الأحياء الراقية والمناطق الصناعية، وهو ما يعوض نقص الأرباح في الأحياء الشعبية والمناطق الفلاحية.

لا نريد في بلدنا مناطق تتواجد فيها شبكة الجيل الخامس للفاعلين الثلاثة لأنها مناطق مدرة للدخل، ومناطق أخرى لا وجود لهذه الشبكة، وربما حتى الجيل 4 غير متوفر فيها.

مراقبة تغطية الفاعلين الثلاثة لشبكة الجيل الخامس هي مسؤولية الحكومة عبر الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات (ANRT) وكذلك وزارة التحول الرقمي والإصلاح الإداري. لا نريد من هذه الوزارة أبيات المديح لتوفر المغرب على شبكة G5، ولا شعر الغزل في هذه الشبكة وقدرتها على فتح عالم الذكاء الاصطناعي.

وزارة التحول الرقمي والإصلاح الإداري يجب أن تواكب الفاعلين الثلاثة لتأمين تغطية الجيل الخامس تكون في مستوى التطلعات التنموية لبلادنا، ومنسجمة مع مشروع المغرب الرقمي 2030.

بلادنا راكمت تأخرا كبيرا في التحول الرقمي، وبناء نظام إداري متوافق مع متطلبات الرقمنة، وشبكة الجيل الخامس تتيح فرصة سانحة لتدارك هذا التأخير، ومعالجة أعطاب التحول الرقمي في بلادنا.

تجاوز مغرب بسرعتين كما جاء في خطاب جلالة الملك، ينطلق منذ الآن من أجل التعميم التدريجي لشبكة الجيل 5 على جميع التراب الوطني، إذا كنا لا نريد الحديث في المستقبل القريب عن العدالة الرقمية في بلادنا. وهذه مسؤولية حكومية وبالتحديد مسؤولية وزارة التحول الرقمي والإصلاح الإداري.

سعيد الغماز-كاتب وباحث في الرقمنة والذكاء الاصطناعي