لا يزال الجدل محتدما في المغرب بعد التصريحات المثيرة التي أدلى بها أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، حول ما أسماه طحن شركات للورق وتقديمه كدقيق مدعم للفقراء.
ودفعت هذه التصريحات التي أثارت صدمة في الأوساط السياسية والحقوقية، منظمات مدنية للمطالبة بفتح تحقيق رسمي يكشف حقيقة ما يجري داخل منظومة توزيع الدقيق المدعم.
هيئات مدنية تطالب بتحرك عاجل
عبر المرصد المغربي لحماية المستهلك، من خلال رئيسه حسن آيت علي، عن “قلقه البالغ” إزاء ما وصفه بـ “التصريحات الخطيرة” التي تمس سلامة المستهلك والأمن الغذائي الوطني، داعيا النيابة العامة إلى فتح تحقيق رسمي واستدعاء النائب التويزي للاستماع إليه وتقديم الأدلة التي يستند إليها.
وأوضح آيت علي أن “مثل هذه الادعاءات لا يمكن أن تمر دون تدقيق أو مساءلة”، مشيرا إلى أن ثبوت هذه الممارسات سيكون بمثابة “جريمة اقتصادية وصحية خطيرة” يعاقب عليها القانون المغربي، خصوصا بموجب القانون رقم 28.07 المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، والفصول الجنائية المرتبطة بالغش وتعريض حياة المواطنين للخطر.
وفي المقابل، شدد ذات المتحدث على أن عدم وجود دلائل مادية سيجعل من هذه التصريحات “خطابا سياسيا شعبويا يضرب في الثقة بالمؤسسات الرقابية وجودة المنتوج الوطني”، محذرا من تأثير ذلك على السلم الاجتماعي وثقة المستهلك.
وفي سياق متصل، دعا رئيس المرصد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA) إلى إجراء تحاليل ميدانية عاجلة داخل مطاحن الدقيق المدعم ونشر نتائجها بشفافية، مطالبا في الوقت نفسه الفيدرالية الوطنية للمطاحن بإصدار بلاغ رسمي يوضح موقفها والإجراءات المتخذة لضمان جودة المنتوج.
دعوات حقوقية لمحاسبة المتورطين
من جهته، اعتبر عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، أن تصريحات التويزي “تتجاوز حدود الخرق الإداري إلى مسألة تمس جوهر العدالة الاجتماعية وكرامة المواطن”.
وأوضح الخضري أنه “في حال صحة هذه المعطيات، فنحن أمام جريمة اقتصادية متكاملة الأركان تمس المال العام وحق المواطنين في غذاء سليم وآمن، وهو حق مضمون دستوريا ودوليا”.
ودعا ذات المتحدث إلى فتح تحقيق نزيه ومستقل من طرف النيابة العامة والمجلس الأعلى للحسابات، لتحديد المسؤوليات ومتابعة كل من ثبت تورطه في تبديد المال العام أو التلاعب بوثائق الدعم العمومي.
وأمام الجدل الكبير الذي أثارته تصريحاته، أصدر النائب البرلماني أحمد التويزي توضيحا أكد فيه أن عبارته “طحن الورق” لم تكن مقصودة بالمعنى الحرفي، بل جاءت كمجاز شعبي في اللهجة المغربية، يقصد به التلاعب في الوثائق والفواتير المتعلقة بالدقيق المدعم، وليس مزج الورق بالدقيق أو أي مادة غذائية.
وبين الاتهامات والتوضيحات، أعادت هذه القضية إلى الواجهة ملف الدقيق المدعم بالمغرب، ومطلب إصلاح شامل لمنظومة الدعم والمراقبة التي طالما أثارت تساؤلات حول الشفافية والعدالة في توزيعها.
