يعيش المغرب أزمة وبائية في الوقت الحالي بسبب الانتشار السريع الذي يعرفه مرض الحصبة (بوحمرون) في بعض مناطق المملكة، حيث أودى هذا الداء بحياة أكثر من 120 شخصا، ثلثهم من الأطفال.
وأكد خبراء أن المنظومة الصحية الوطنية تعيش أزمة عميقة تهدد بتفاقم الأوضاع، خاصة في ظل تسجيل تراجع غير مسبوق في معدلات التلقيح ضد “بوحمرون”، وانخفاضها من 95 في المائة إلى 60 في المائة في بعض المناطق.
وفي ظل هذا الوضع، دعا الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، إلى تعزيز التواصل الأسبوعي بشأن انتشار داء الحصبة في المغرب وتقديم أرقام دقيقة ومحينة حول الوضع الصحي.
ونبه حمضي إلى أنه “من الضروري التعامل مع هذه الأزمة بجدية، والعمل على تحسين النظام الصحي لضمان عدم تكرار ما يحدث اليوم”، مشيرا إلى أن “تراجع معدلات التلقيح، الذي انخفض من 95 في المائة إلى حوالي 60 في المائة في بعض المناطق، يطرح تساؤلات كبرى”.
وفي الوقت الذي يمكن أن يعزى فيه الأمر إلى التردد اللقاحي أو حتى الإضرابات والتوقفات المتكررة في القطاع الصحي، انتقد الطبيب “تراخي المراقبة الوبائية وعدم الانتباه الفوري والجدي لبعض الحالات المرضية في بداية عودة المرض”، متسائلا “كيف انخفضت نسبة التلقيح من 95 في المائة إلى 80 فـ 70 فـ 60 في المائة في بعض المناطق دون أن يتم الانتباه إلى ذلك في حينه؟ ودون إشعار المجتمع أو اتخاذ إجراءات استباقية؟؟”
وشدد ذات المتحدث على أن “المسؤولية هنا تقع على عاتق الجميع، ومنها وزارة الصحة التي تتحمل جزءا كبيرا من هذه المسؤولية باعتبارها الوزارة الوصية وباعتبار القطاع العام هو المسؤول الأول عن برامج التلقيح”.
وخلص الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية إلى التأكيد على “ضرورة التلقيح والرقابة الصحية لتفادي أمراض مثل الحصبة (بوحمرون) أو التهاب السحايا (المينانجيت)، مبرزا أن “الإجراءات يجب أن تتضمن استئناف حملات التلقيح بفعالية، وتعزيز ثقة الأسر من خلال حملات توعية شاملة، وتحسين الرقابة الوبائية واتخاذ إجراءات فورية عند ظهور أي حالات مرضية”.
من جهته، أفاد علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، بأن “التواصل الذي تنتهجه وزارة الصحة والحماية الاجتماعية يعاني من ضعف كبير، حيث اقتصرت تصريحاتها على الخروج بشكل باهت وغير شاف”.
وانتقد الفاعل الحقوقي “غياب استراتيجية شاملة أو توجيهات حقيقية لمواجهة تفشي الوباء”، مشيرا إلى أن “تسجيل 120 حالة وفاة يمثل استهتارا بحياة المواطنين المغاربة”.
واستنكر ذات المتحدث “عدم عقد المديريات الجهوية والمندوبيات الصحية حتى الآن أي اجتماع مخصص للتعبئة لمواجهة الوباء”، مشيرا إلى أن “العديد من المسؤولين الإقليميين لا يملكون تصورا واضحا عن الوضع، في ظل غياب أية مذكرات توجيهية أو خطط واضحة لمجابهة الأزمة”.
واعتبر رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة أن “مسؤولية ما يحدث لا تقع فقط على عاتق وزير الصحة، بل هي مسؤولية حكومية مشتركة”، مؤكدا أن “الوضع القائم يتطلب إعلان حالة طوارئ صحية وتعبئة شاملة من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية والسلطات المعنية”.
التعاليق (0)