جو ويلسون من نيويورك: البوليساريو تزعزع الأمن العالمي ويجب تصنيفها كتنظيم إرهابي

أخبار وطنية

بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

في تحول بالغ الدلالة ضمن المشهد الجيوسياسي المتقلب في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، وصف عضو الكونغرس الأمريكي جو ويلسون، يوم الثلاثاء 23 شتنبر 2025، جماعة البوليساريو بـ”المنظمة الإرهابية” التي تزعزع السلم والأمن العالميين، داعيًا إلى تصنيفها رسميًا كجماعة إرهابية أجنبية.
هذا التصريح لم يكن مجرد موقف سياسي عابر، بل يُجسّد إدراكًا متناميًا داخل الدوائر الغربية بخطورة هذه الحركة المسلحة التي اتخذت من مخيمات تندوف قاعدة خلفية لنشاطات مشبوهة ومتصلة بتنظيمات متطرفة، سواء في إفريقيا أو الشرق الأوسط.

■ من نزاع إقليمي إلى تهديد عابر للحدود

ما بدأ كحركة انفصالية في سبعينيات القرن الماضي بدعم جزائري مباشر، تطوّر تدريجيًا ليأخذ طابعًا أمنيًا خطيرًا. فـ”البوليساريو” لم تعد مجرد كيان سياسي يرفع مطالب انفصالية، بل تحوّلت، حسب تقارير استخباراتية دولية، إلى بيئة حاضنة للجماعات المتطرفة، بما فيها عناصر فارة من سوريا والعراق بعد انهيار تنظيم “داعش”، إضافة إلى مقاتلين ينتمون لشبكات إرهابية تنشط في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
المنطقة التي تسيطر عليها “البوليساريو” في جنوب غرب الجزائر، خاصة مخيمات تندوف، أصبحت بمثابة منطقة رمادية خارجة عن الرقابة الدولية، توفر الملاذ الآمن، والتدريب، وحتى الدعم اللوجستي لجماعات إرهابية. وهذا ما أكده النائب الأمريكي جو ويلسون، حين قال: “البوليساريو هي، بالفعل، منظمة إرهابية (…) وجود هذه الجماعات الإرهابية يساهم في زعزعة استقرار العالم”.

■ امتداد الخطر إلى أوروبا

لم تعد تهديدات “البوليساريو” محصورة في جغرافية المنطقة، بل أصبحت تمس بشكل مباشر أمن أوروبا، خصوصًا بعد التقارير التي كشفت عن محاولات تسلل متطرفين من تندوف عبر طرق الهجرة غير النظامية إلى إسبانيا وفرنسا وإيطاليا. وتزايدت المخاوف الأوروبية مع تكرار العمليات الإرهابية ذات الصلة بجماعات تتقاطع مصالحها أو جذورها مع شبكات البوليساريو.

وهو ما دفع جهات أوروبية إلى دق ناقوس الخطر، محذرة من أن التراخي الدولي إزاء هذا التهديد قد يؤدي إلى تفاقم أزمة أمنية عابرة للقارات، خاصة مع هشاشة الوضع في منطقة الساحل وانتشار الأسلحة وتداخل المصالح الجيوستراتيجية.

■ الجزائر ومسؤولية الدولة المضيفة

من المثير للانتباه أن هذه الجماعة تتحرك بحرية في منطقة تخضع للسيادة الجزائرية، دون أن تتحمّل الجزائر أي مسؤولية حقيقية تجاه ضبط النشاطات العسكرية أو الاستخباراتية التي تنطلق من تندوف. بل إن الدعم السياسي واللوجستي الذي تقدمه الجزائر للبوليساريو يوضع اليوم تحت مجهر المجتمع الدولي، إذ بات يُنظر إليه كعامل تساهل ( إن لم نقل تواطؤ ) مع أجندات لا تتماشى مع الاستقرار الإقليمي.

■ مناشدات لتدخل دولي حازم

تصريحات جو ويلسون ليست الأولى من نوعها، لكنها قد تكون الأكثر صرامة ووضوحًا، خصوصًا بعد تقديمه مشروع قانون ثنائي الحزب في الكونغرس لتصنيف “البوليساريو” منظمة إرهابية أجنبية. هذا المقترح، إن مرّ، سيكون سابقة دبلوماسية وأمنية، تدفع بالعديد من الدول إلى إعادة النظر في موقفها من البوليساريو، لا سيما تلك التي لا تزال تحتفظ بموقف “محايد” من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

■ الخلاصة: صمت المجتمع الدولي لم يعد مقبولًا

في ظل هذا الواقع المتشابك، لم يعد بالإمكان التعاطي مع “البوليساريو” كطرف سياسي أو كجماعة تسعى لـ”تقرير المصير”، بل بات واضحًا أن هذه الحركة أصبحت أداة تهديد إرهابي واستراتيجي، تضرب في عمق الأمن القومي لدول شمال إفريقيا، وتخترق حدود أوروبا.
صوت الولايات المتحدة، كما عبّر عنه عضو الكونغرس ويلسون، يُعد خطوة أولى نحو صحوة دولية باتت ضرورية وعاجلة. والتحدي اليوم أمام المنتظم الدولي هو التحرك الجاد والمسؤول لوضع حدّ لهذا التهديد، وتجفيف منابع الإرهاب التي تنطلق من تندوف باسم “قضية مفبركة” لا تمت للواقع بصلة.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً