شهدت العديد من المجالس الإقليمية في المغرب، قبيل انطلاق العطلة الصيفية وتعيين محمد فوزي واليًا مفتشًا عامًا للإدارة الترابية، زيارات تفتيشية مفاجئة من لجان تابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية. هذه الزيارات، التي طال انتظارها، أثارت استياء عدد من رؤساء المجالس الذين تحوم حولهم شبهات الفساد.
وفقًا لجريدة “الصباح”، عمد موظفون في الأقسام التقنية إلى إخفاء وثائق حساسة تتعلق بصفقات أبرمت مع مقاولين ومكاتب دراسات، وذلك بناءً على طلب من رؤساء المجالس الإقليمية المشتبه في تورطهم بملفات فساد مالي. يتوقع أن تُحال هذه الملفات قريبًا إلى محاكم جرائم الأموال.
تزامنت هذه التفتيشات مع تسرب معلومات خطيرة من بعض الولايات والعمالات، تشير إلى شبهات تحوم حول طرق تدبير صفقات “كبيرة” تم تمريرها في الخفاء، متجاوزة بذلك المنصات الرقمية المخصصة لضمان الشفافية في الصفقات العمومية.
ففي جهة الرباط-سلا-القنيطرة، كشف مصدر من داخل عمالة بالإقليم عن غموض كبير في تنظيم صفقات خاصة بإصلاح المسالك الطرقية في عدد من الجماعات القروية. وصف أحد النواب البرلمانيين هذه العملية بـ”التلاعب المكشوف”، مشيرًا إلى تفصيل شروط الصفقة “على المقاس” لمصلحة مقاولات بعينها.
ووفقًا للمصدر نفسه، اشترط المجلس الإقليمي المعني تصنيفًا عاليًا (تصنيف 1) للمشاركة في الصفقة، وهو ما يُقصي المقاولات الصغيرة والمتوسطة. هذا الشرط يتنافى مع توجهات وزارة التجهيز والماء، التي لا تعتمد تصنيف المقاولات معيارًا أساسيًا في هذا النوع من الصفقات.
كما أثار المصدر استغرابه من قرار رئيس المجلس الإقليمي جمع جميع أشغال إصلاح المسالك في صفقة واحدة، رغم تباعدها الجغرافي، وتحديد مدة إنجاز لا تتجاوز ثمانية أشهر. كان من الأجدى تقسيم الأشغال إلى أجزاء متعددة، ما كان سيمكن عددًا أكبر من المقاولات من المنافسة ويضمن تنفيذًا أسرع وأكفأ للمشاريع.
الأخطر من ذلك، أن الصفقة المذكورة تم فتح أظرفتها دون الانتهاء من الدراسات التقنية الخاصة بها، ودون أن تتم المصادقة عليها في دورة رسمية للمجلس، وهو ما يتنافى مع القانون التنظيمي. يُعتبر فتح العروض قبل انتهاء الدراسات تجاوزًا صريحًا للقوانين المنظمة وتجاهلًا لتوجيهات وزارة الاقتصاد والمالية بشأن الشفافية وتكافؤ الفرص.