agadir24 – أكادير24/وكالات
فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحاضرين في قمة “بريكس” المنعقدة بمدينة قازان، بالكشف عن ورقة نقدية رمزية تحمل أعلام دول المجموعة، في خطوة رمزية تؤكد الطموح الجماعي لدول “بريكس” لإنشاء نظام اقتصادي مستقل عن الهيمنة الغربية، وعلى رأسها الدولار الأمريكي.
الورقة النقدية التي عرضها بوتين، والتي وُزعت على وزرائه وجرى تسليمها لرئيسة البنك المركزي الروسي، تحمل رسائل سياسية أكثر منها اقتصادية. فهي تجسيد رمزي لوحدة اقتصادية محتملة بين الدول الأعضاء: البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا.

ما وراء الورقة الرمزية؟
بحسب المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، فإن الورقة النقدية “ترمز إلى العمل المشترك الجاري داخل بريكس”. إلا أن ظهورها أثار مجددًا سؤالًا محوريًا: هل نحن أمام بداية مشروع عملة موحدة لدول بريكس؟
التحليل الاقتصادي يشير إلى أن إصدار عملة ورقية موحدة للمجموعة ليس مستحيلًا، لكنه يتطلب سنوات من التحضير والتوافق السياسي والمؤسساتي، أبرزها:
- إنشاء بنك مركزي مشترك.
- تنسيق السياسات النقدية بين الدول الأعضاء.
- تخلي الدول تدريجيًا عن عملاتها الوطنية لصالح العملة الموحدة.
- تغطية العملة باحتياطات الذهب أو سلة عملات داخلية.
- حسم إشكالية النفوذ الصيني، خصوصًا أمام تحفظ الهند.
من الورقة إلى العملة الرقمية؟
السيناريو الأكثر واقعية على المدى القريب، بحسب محللين، هو أنالعملة المستقبلية لبريكس ستكون رقمية وليست ورقية، أي على شكل “عملة تسوية افتراضية” تستخدم عبر منصة الدفع العابرة للحدود المسماة mBridge.
تم تطوير mBridge من طرف بنك التسويات الدولية بالتعاون مع البنوك المركزية في الصين، هونغ كونغ، تايلاند، والإمارات، وتُعتبر بديلًا لمنصة SWIFT الغربية التي تتحكم في أكثر من 90٪ من حركة الأموال بين البنوك الدولية.
موقف صندوق النقد الدولي
وعلى الرغم من الأحاديث المتزايدة عن تخلي بعض الدول عن الدولار، قالت كريستالينا غورغييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، إن الفكرة ليست جديدة، مؤكدة أنها بحاجة لرؤية تفاصيل أكثر حول النظام المقترح قبل تقييم أثره. لكنها شددت على أن “جميع أعضاء بريكس ما زالوا داعمين لصندوق النقد الدولي”، ما يقلل من احتمالات المواجهة المباشرة في الوقت الراهن.
ورقة بوتين الرمزية لم تكن مجرد عرض بصري في قمة سياسية، بل رسالة مشفرة مفادها أن عصر “الدولار الواحد” بدأ يتزحزح من عرشه، في ظل سعي قوى ناشئة لتأسيس نظام مالي متعدد الأقطاب. وبين الرمز والواقع، تبقى فكرة “عملة بريكس” مشروعًا معقدًا، لكنه ممكن على المدى البعيد، خصوصًا إذا تم تبنيه رقميًا عبر منصة mBridge، بما يفتح الباب لتغييرات عميقة في بنية الاقتصاد العالمي.
التعاليق (0)